فلا بدّ من القول به في الأجزاء أيضا ، إذ المركّب ليس إلّا نفس الأجزاء ، وهي بعينها هو المركّب ، ولذا قلنا في بحث مقدّمة الواجب : إنّ وجوب الأجزاء ليس وجوبا غيريّا ، بل هي مأمور بها بعين الأمر المتعلّق بالمركّب ، فلو اعتبر الإطاعة اليقينيّة في نفس العمل ـ الّذي هو عين الأجزاء ـ فلا بدّ من الاعتبار فيها أيضا بحيث لو سألنا المصلّي عن كلّ جزء يأتي به وقلنا : لما ذا تأتي به؟ يجيبنا بأنّه مأمور به ، ولا يبقى متحيّرا ، فعلى هذا لا يكفي الإتيان بالجزء المشكوك رجاء وباحتمال المطلوبيّة ، والفرق تحكّم.
وقد عرفت بطلان أصل المبنى ، وأنّ الإطاعة لا بدّ فيها من أمرين ، وجود المأمور به الواقعي في الخارج ، وكونه مضافا إلى الله تعالى ، وكلاهما موجود في الإطاعة الاحتمالية. فالصحيح هو القول بالاكتفاء في هذا الفرض أيضا. هذا كلّه في المقام الأوّل.
أمّا المقام الثاني ـ أي ما يحتاج إلى التكرار من العبادات ـ فهل يحسن فيه الاحتياط أو لا؟ وقد ذكرنا أنّ البحث فيه من جهتين :
الأولى : في العبادات النفسيّة.
والثانية : في العبادات الضمنيّة.
أمّا الجهة الأولى : فقد ذكر في وجه المنع وجهان :
الأوّل : ما أفاده الشيخ قدسسره ، وهو : أنّ التكرار عبث ولغو ، وما يكون لغوا وعبثا لا يقع على صفة المقرّبيّة (١).
وأفاد في الكفاية في جوابه وجهين :
الأوّل : أنّ التكرار لا يكون مطلقا عبثا ، بل ربما يكون بداع عقلائي ،
__________________
(١) فرائد الأصول : ١٥.