فتلخّص من جميع ما ذكرنا : أنّ الاحتياط جائز وحسن في التوصّليّات والتعبّديّات مطلقا ، سواء كان مستلزما للتكرار أو لا ، وسواء كان في العبادات المستقلّة أو غيرها ، وأنّه في عرض الامتثال التفصيليّ العلمي فضلا عن الظنّي بالظنّ الخاصّ أو الانسدادي على تقدير الكشف أو الحكومة.
هذا تمام الكلام فيما يتعلّق بالقطع بمقدار يناسب المقام. وبعد ذلك يقع الكلام في أصل المقصد ، وهو بيان الأمارات الظنّيّة.
وينبغي التنبيه على أمور (١) :
الأوّل : أنّه لا ريب في أنّ الظنّ ليس كالقطع في كون الحجّيّة من لوازمه الذاتيّة ، ولا يكون فيه اقتضاء الحجّيّة أيضا لا في مرحلة ثبوت التكليف به ولا في مرحلة سقوطه به ، بل ثبوتها له لا بدّ له من جعل شرعيّ بأن يعطي الشارع له صفة الحجّيّة ، ولا يمكن ثبوت الحجّيّة له ـ بعد ما لم يكن بحسب ذاته علّة ولا مقتضيا لها ـ بطروّ الحالات وثبوت مقدّمات بحيث تكون موجبة لاقتضائه الحجّيّة ذاتا ، كما يظهر من صاحب الكفاية (٢) ، ضرورة أنّ الذاتي غير قابل للانفكاك وغير قابل للتغيير بطروّ الحالات.
ويظهر من بعض المحقّقين ـ كما في الكفاية ، ولعلّه الشيخ محمد تقي قدسسره صاحب الحاشية ـ الاقتضاء في مرحلة السقوط.
وقال في الكفاية : لعلّه لأجل عدم لزوم دفع الضرر المحتمل. ثم بعد ذلك أمر بالتأمّل (٣).
ولعلّ وجهه : أنّ ما يستظهر من كلامه أنّ الاكتفاء بالظنّ في مقام الامتثال
__________________
(١) يأتي الأمر الثالث في ص ١١٧ عند قوله : وبعد ذلك يقع الكلام في مقتضى الأصل عند الشكّ في الحجّيّة.
(٢ و ٣) كفاية الأصول : ٣١٧.