من جهة الانسداد على تقدير الحكومة لا من جهة اقتضائه ذلك ذاتا ، كما بيّنّا ، مع أنّ المستند لو كان عدم وجوب دفع الضرر المحتمل ، لوجب الحكم بسقوط التكليف بالعمل بالمحتمل أيضا ، مضافا إلى أنّ الضرر في المقام ضرر أخرويّ ، ولا خلاف في وجوب دفعه ، بل العقل يحكم بوجوب دفعه ولو كان موهوما ، وإنّما الخلاف في الضرر الدنيوي.
الثاني : في بيان إمكان التعبّد بالظنّ. والمراد بالإمكان في المقام هو الإمكان الوقوعي لا الذاتي ، بمعنى أنّ التعبّد بالظنّ هل يلزم من وقوعه محال حتى يمتنع وقوعه ، أو لا يلزم حتى يمكن وقوعه؟ لا بمعنى أنّه مستحيل ذاتا كاجتماع النقيضين ، ولا الإمكان الاحتمالي ، كالإمكان في كلام الشيخ الرئيس «كلّ ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه واضح البرهان» (١) بداهة أنّ الاحتمال من الأمور الوجدانية ومن مدركات العقل إمّا موجود أو معدوم ، ولا يعقل التعبّد به.
وهل الأصل الأوّلي عند الشكّ في إمكان وقوع شيء أو استحالته وعدم قيام الدليل على أحدهما هو الإمكان أو الامتناع؟
ذهب الشيخ ـ قدسسره ـ إلى الأوّل بدعوى بناء العقلاء على ذلك (٢).
وأورد عليه صاحب الكفاية أوّلا : بأنّه لم يثبت من العقلاء بناء على ذلك.
وثانيا : على تقدير ثبوته لا يحصل منه إلّا الظنّ ، والكلام في اعتباره.
وثالثا : على تقدير اعتباره لا فائدة في إثبات مجرّد الإمكان ، ولا يترتّب
__________________
(١) الإشارات والتنبيهات ٣ : ٤١٨ النمط العاشر.
(٢) فرائد الأصول : ٢٤.