الوجوب في إكرامهم ، ليس لنا الاقتصار بإكرام العدول منهم فقط بمجرّد هذا الاحتمال ، ولا عذر لنا في ترك ذلك ، وللمولى أن يعاقبنا عليه بحكم العقل والعقلاء.
وبالجملة ، الأصل الأوّلي بمقتضى بناء العقلاء ـ فيما ورد دليل ظاهر في وقوع شيء ـ هو الحكم بالإمكان ما لم يكن دليل خارجي قطعي على خلاف الظاهر ، كما أفاده الشيخ قدسسره ، فإذا أبطلنا دليل القائل بالاستحالة ، نحكم بالإمكان ، ولا نحتاج إلى إقامة البرهان عليه.
وما استدلّ به ابن قبة على الاستحالة يرجع حاصله ـ بعد ما أوضحه المتأخّرون ـ إلى أمرين :
أحدهما : لزم المحذور في ناحية الخطاب ، وهو اجتماع المثلين في صورة موافقة الحكم الواقعي مع مؤدّى الأمارة ، واجتماع الضدّين في صورة المخالفة وعدم الإصابة بأنّ كان أحدهما الوجوب والآخر حكما آخر من الأحكام.
وثانيهما : لزوم المحذور في ناحية الملاك ، وهو تحليل الحرام بأن يرخّص الشارع في فعل ما يكون فيه مفسدة ملزمة أو ترك ما فيه مصلحة إلزاميّة ، فإنّه إلقاء في المفسدة وتفويت للمصلحة ، وكلاهما قبيح على الحكيم ، وتحريم الحلال بأنّ يحرّم فعل ما لا مصلحة ولا مفسدة فيه ، أو تركه إذا كان في الواقع مباحا وقامت الأمارة على وجوبه أو حرمته.
أمّا الجواب عن المحذور الثاني ـ وهو المحذور الملاكي ـ فهو أنّه له طرفان : أحدهما : ما كان مؤدّى الأمارة هو الوجوب أو الحرمة مع كونه في الواقع جائزا. وثانيهما : ما إذا كان للفعل مفسدة ملزمة أو مصلحة ملزمة وقامت الأمارة على جوازه.