ثمّ إنّ للسيد الصدر شبهة تسمّى بالشبهة العبائيّة ، لما مثّل لها بالعباء ، وهي أنّا لو فرضنا أنّه تنجّس أحد طرفي العباء إمّا الأعلى أو الأسفل ، ثمّ غسلنا الأعلى منهما ، فلازم جريان الاستصحاب في القسم الثاني نجاسة ما يلاقي هذا العباء بكلا طرفيه ، فإنّ استصحاب بقاء كلّي النجاسة جار ، حيث إنّها مردّدة بين مقطوعة البقاء لو كانت في الطرف الأسفل ، ومقطوعة الارتفاع لو كانت في الطرف الأعلى ، وتترتّب على هذا الاستصحاب نجاسة الماء القليل الّذي ندخل هذا العباء فيه بجميعه مع أنّ الماء لم يلاق إلّا مقطوع الطهارة وهو الطرف الأعلى ، ومشكوك النجاسة ، الّذي هو الطرف الأسفل الّذي لم يكن موجبا لنجاسة الماء لو كان ملاقيا له فقط.
وبعبارة أخرى : بناء على طهارة ملاقي الشبهة المحصورة لا يمكن الحكم بنجاسة الماء الملاقي ، لأنّ المفروض أنّه لاقى أحد طرفي الشبهة ومقطوع الطهارة ، فالجمع بين القول بجريان الاستصحاب في القسم الثاني ، والقول بعدم تنجّس ملاقي الشبهة المحصورة لا يمكن.
وأجاب شيخنا الأستاذ قدسسره عنها بجوابين :
الأوّل : ما أفاده في الدورة السابقة من أنّ المتيقّن في القسم الثاني لا بدّ أن يكون بهويّته وحقيقته مردّدا بين مقطوع البقاء ومقطوع الارتفاع ، وأمّا لو كان الترديد لا من هذا الحيث ، بل من حيث محلّه كما في المقام ، فهو شبيه باستصحاب الفرد المردّد ، وليس من استصحاب الكلّي ، مثلا : لو علمنا بوجود زيد في الدار إمّا في طرفها الشرقي أو الغربي ثمّ انهدم الطرف الشرقي ، لا يمكن استصحاب بقاء كلّي الإنسان.
ونظير ذلك ما لو علم بوجود درهم مخصوص ل «زيد» في جملة دراهم