الحيوان المردّد بين البق والفيل (١) ـ الّذي هو من الشكّ في المقتضي ـ من باب المثال للقسم الثاني لا من جهة الفرق بين استصحاب الكلّي والشخص في ذلك.
أمّا القسم الثالث ـ وهو الشكّ في بقاء الكلّي لأجل احتمال قيام فرد آخر من الكلّي مقام الفرد المقطوع ارتفاعه ـ فهو على قسمين : الأوّل : أن يكون الشكّ لاحتمال قيام فرد آخر مقارنا لوجود الفرد الأوّل. والثاني : ما يكون ذلك لاحتمال قيامه مقارنا لارتفاعه ، فهل يجري الاستصحاب مطلقا أو لا يجري مطلقا أو التفصيل بين القسم الأوّل فيجري ، والثاني فلا يجري ، كما فصّل به الشيخ (٢) قدسسره؟
الحقّ هو الثاني ، وذلك لأنّ الكلّي الطبيعي ـ سواء قلنا بكونه موجودا في الخارج بوجود تأصّلي أو بوجود بالعرض ، وأنّ المتأصّل في الوجود هو الفرد ـ له إضافة خاصّة إلى كلّ فرد من أفراده ، وهو شيء واحد وموجود فارد يضاف تارة إلى زيد ، وأخرى إلى عمرو ، وثالثة إلى بكر ، فالمضاف واحد والمضاف إليه وهكذا الإضافة متعدّد ، ووجود الطبيعي المضاف إلى زيد مغاير لوجوده المضاف إلى عمرو ، وإلّا لصحّ حمل زيد على عمرو بجامع الإنسان ، فالماهيّة النوعيّة المضافة إلى شخص مغايرة للماهيّة النوعيّة المضافة إلى شخص آخر ، كما أنّ الماهيّة الجنسيّة ـ كالحيوان ـ المضافة إلى نوع ـ كالبقر ـ مغايرة للماهيّة الجنسية المضافة إلى نوع آخر ، كالغنم ، وهكذا في الجنس البعيد بالقياس إلى الحيوان والشجر ، ولا بدّ في الاستصحاب من إبقاء اليقين عملا على النحو الّذي كان ثابتا ، ومن الواضح أنّ اليقين بوجود طبيعي الإنسان المضاف إلى زيد
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣٧١. لم يعيّن في هذا الموضع مصداق الحيوان المردّد.
(٢) فرائد الأصول : ٣٧٢.