وبما ذكرنا ظهر أنّ تقييد الصلاة بالطهارة وغيرها من القيود لا معنى له إلّا وجودها في زمان كون المصلّي متوضّئا بأن تجتمع طهارة النّفس أو بدن المصلّي مع الصلاة في زمان واحد بواقع الاجتماع لا بمفهومه ، وهكذا تقييد الصلاة بوقوعها في النهار لا معنى له إلّا أن تكون الصلاة والنهار مجتمعين في الوجود بأن يكون الزمان ـ وهو النهار مثلا ـ موجودا والصلاة أيضا موجودة في حال وجوده.
نعم ، لا يكونان موجودين في زمان واحد ، إذ ليس للزمان زمان ، فمن باب ضيق التعبير نعبّر باجتماعهما في الوجود ، فإذا استصحبنا النهار وأتينا الصلاة ، فقد تحقّق كلا جزأي الموضوع أحدهما بالوجدان والآخر بالأصل.
وبالجملة ، طبع الأمر بإيقاع فعل في زمان خاصّ لا يقتضي إلّا أنّ هذه الحصّة الخاصّة من الفعل ـ وهي المجتمعة مع هذا الزمان ـ مشتملة على المصلحة الإلزاميّة ، ولا ارتباط بينهما إلّا بهذا الاعتبار ، فتقيّد الواجب بالزمان ـ سواء كان بقيد وجودي كالنهار أو عدمي كعدم غروب الشمس ـ لا يمنع من التئام الموضوع المركّب بضميمة الوجدان إلى الأصل.
والسرّ في ذلك أنّ المقيّد بالزمان ليس من قبيل المركّب من العرض ومحلّه ، بل هما من قبيل عرضين في محلّ واحد ، فإنّ الصلاة من مقولة الفعل ، والزمان من مقولة متى ، وكلاهما قائم بالمكلّف.
المقام الثاني : في استصحاب الزمانيّات التدريجيّة ممّا هو كالزمان يوجد منه جزء بعد ما انعدم منه جزء آخر ، كالحركة والتكلّم وجريان الماء وسيلان الدم ونحو ذلك.
أمّا الحركة : فقد عرفت أنّها كالزمان في كون قوامها بالتصرّم والتقضّي ، فهي بين المبدأ والمنتهى موجودة واحدة حقيقة وعرفا ، فلا ريب في