استصحاب بقائها فيما إذا علم بتحقّقها وشكّ في بقائها.
والشكّ في البقاء تارة لأجل الشكّ في وجود مانع وصارف عنها بعد إحراز مقدار استعداد منشأها ، كما إذا علم بانقداح داع لزيد للحركة من النجف إلى كربلاء ، وتحرّك ، وشكّ في بقائها ، وأخرى لأجل الشكّ في مقدار اقتضاء منشأها ، كما إذا علمنا بأنّه ركب السيّارة ، وتحرّك ، ولم نعلم أنّه بنى على أيّ مقدار من الحركة ، وثالثة لأجل الشكّ في قيام داع ومنشأ آخر لها بعد العلم بارتفاع المنشأ الأوّل.
وشيخنا الأستاذ قدسسره بنى على جريانه في الأوّل وهكذا الثاني على القول بجريانه في الشكّ في المقتضي ، وأمّا الأخير فالتزم بعدم جريانه حتى على القول المذكور ، نظرا إلى أنّ الحركة لا بدّ لها من حافظ وحدة حتى يمكن استصحابها ، وإلّا فلا يكون من الاستصحاب ، بل من إسراء حكم من موضوع إلى آخر ، ووحدة الحركة وتعدّدها إنّما تكون بوحدة مبدئها وتعدّده ، ففي القسمين الأوّلين حيث يكون لها داع ومنشأ واحد ، فالحركة حركة واحدة يمكن استصحابها إذا شكّ في بقائها ، وأمّا في القسم الأخير فحيث لها داعيان على تقدير بقائها فحركتان إحداهما مقطوعة الارتفاع بارتفاع داعيها ، والأخرى مشكوكة الحدوث ، فلا يمكن استصحابها (١).
هذا ، والظاهر جريان الاستصحاب في جميع الأقسام ، لما عرفت من أنّ الحركة المتّصلة بين المبدأ والمنتهى حركة واحدة حقيقة ، إذ الاتّصال مساوق للوحدة ، واستناد موجود واحد حدوثا إلى سبب وبقاء إلى سبب آخر لا يجعله موجودين وشيئين ، ولذا لا يشمل دليل «من زاد في صلاته» إلى آخره ، من أراد
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٠٢ ـ ٤٠٣.