يمكن أن يكون من الشكّ في المقتضي ، كما إذا علم بشروعه في قراءة القرآن وشكّ في أنّه هل رفع اليد عنها أم لا ، مع عدم العلم بأنّه بنى على قراءة أيّ مقدار من القرآن ، ويمكن أيضا استصحاب الكلّي بجميع أقسامه ، فيمكن استصحاب القسم الأوّل من الكلّي في المثال المتقدّم ، وإذا تردّدت السورة التي شرع فيها بين القصيرة والطويلة ، كان من القسم الثاني ، كما أنّه إذا شكّ في الشروع في أخرى مع القطع بتماميّة الأولى ، كان من القسم الثالث.
هذا كلّه في الزماني الّذي يكون متدرّج الوجود بالذات. أمّا الزماني الّذي تدرّجه بالعرض وباعتبار الزمان ـ كالقيام من الزوال إلى الغروب مثلا ، الّذي هو موجود واحد ، وليس الموجود منه حال الزوال بموجود مغاير للموجود منه حال الغروب ـ فالشكّ في بقاء حكمه يتصوّر على أقسام :
الأوّل : ما إذا كان ناشئا من الشكّ في بقاء الزمان الّذي جعل قيدا له ، فالشبهة في هذا القسم موضوعيّة ، وقد مرّ الإشكال في استصحاب بقاء الزمان ، والجواب عنه.
الثاني : ما إذا نشأ الشكّ في بقاء الحكم من الشكّ في حصول ما جعل غاية للفعل ، لإجماله ـ كالغروب في الظهرين ، فإنّه بضرورة الدين غاية لهما لكنّه اختلف في أنّه هل هو معنى يحصل ويتحقّق باستتار القرص عن الأبصار والأنظار ، أو بذهاب الحمرة عن قمّة الرّأس؟ ـ فالشبهة في مثله مفهوميّة ، بمعنى أنّ الشبهة حكميّة نشأت من عدم معلوميّة مفهوم الغاية ، كالغروب في المثال ، أو نشأ لأجل الشكّ في حصول الغاية لا لعدم معلوميّة مفهومها ، بل لتعارض الأدلّة ، كما في القدم والقدمين لنافلة الزوال.
والحقّ هو عدم جريان الاستصحاب في هذا القسم لا استصحاب الحكم ولا استصحاب الموضوع.