وبالجملة ، بناء على جريان الاستصحاب في الأحكام الكلّيّة لا إشكال في جريان الاستصحاب التعليقي في العقود التعليقيّة ، لتحقّق أركانه فيها ، بخلاف المقام ، فإنّ موضوع الحكم مركّب من جزءين : العنب وغليانه ، ولا شكّ لنا في مقام الجعل ، ولا نحتمل نسخ حرمة العنب على تقدير غليانه حتى نستصحبها ، ولا في مقام المجعول عند تحقّق موضوعه المركّب بكلا جزأيه ، وهو غليان العنب ، بل نقطع بالحرمة ، وأمّا مع تحقّق أحد جزأيه بأن تحقّق العنب أو غليان الزبيب دون العنب فلا يقين لنا بالحكم ، بل نقطع بعدم الحكم ، فأيّ شيء نستصحبه؟
نعم ، نحتمل حرمة الزبيب المغليّ وبعبارة أخرى : نحتمل سعة دائرة جعل الحرمة وتعميمها للمغليّ من العنب في كلتا حالتيه : حالة عنبيته وحالة زبيبيته ، لكن ليست لها حالة سابقة حتى نستصحبها ، فإنّ تحقّق الحرمة بتحقّق كلا جزأي الموضوع ، المفقود في المقام ، نظير ما إذا ترتّب وجوب الصدقة على مجيء زيد وعمرو وجاء أحدهما دون الآخر ، فإنّه لا يترتّب عليه وجوب الصدقة ، فلا أثر لتحقّق أحد الجزءين إلّا أثر عقلي ، وهو ترتّب حكمه عليه عند انضمام جزئه الآخر.
وما أفاده الشيخ قدسسره من استصحاب السببيّة (١) يرد عليه : أوّلا : ما ذكرنا من أنّ السببيّة أمر انتزاعي على مبناه لا يصحّ استصحابه إلّا بتبع استصحاب منشأ انتزاعها ، الّذي هو الحكم بالحرمة عند غليان العصير.
وثانيا : أنّ تحقّق السببيّة إنّما هو بتحقّق سبب الحرمة ، وهو مركّب من أمرين : العنب وغليانه ، والمتيقّن السابق في الزبيب لم يكن إلّا أحدهما وهو
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣٨٠.