العنب ، وواضح أنّه بمجرّده لا يكون سببا للحرمة حتى نستصحب سببيّته المتيقّنة سابقا.
بقي شيئان :
الأوّل : أنّه ربّما يتوهّم تعارض استصحاب الحرمة التعليقيّة للزبيب مع استصحاب حلّيّته الثابتة قبل الغليان بالقطع.
وأجيب عن ذلك بوجهين :
الأوّل : ما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره في الدورة الأخيرة من أنّ استصحاب الحرمة حاكم على استصحاب الحلّيّة ، فإنّ الشكّ في حلّيّته بعد الغليان مسبّب عن الشكّ في حرمته على تقدير الغليان ، إذ لو لا احتمال الحرمة عند الغليان لكنّا قاطعين بالحلّيّة ، فلا موجب للشكّ في الحلّيّة إلّا الشكّ في الحرمة التعليقيّة ، فإذا جرى الاستصحاب في السبب ، يرتفع موضوع جريانه في المسبّب فلا تعارض (١).
وهذا الجواب غير تامّ ـ كما أفاده صاحب الكفاية في هامش الكفاية (٢) ـ :
أوّلا : بأنّ الشكّ في أحدهما ليس مسبّبا عن الشكّ في الآخر ، إذ ليس لنا إلّا شكّ واحد ، وهو الشكّ في حكم الزبيب ، وأنّه هل هو الحرمة عند الغليان والحلّيّة المغيّاة بالغليان أو لا حرمة أصلا بل الحكم هو الحلّيّة المطلقة؟ وهذا الشكّ الواحد مسبوق بيقينين في حالة العنبيّة : اليقين بالحرمة على تقدير الغليان ، واليقين بالحلّيّة المغيّاة ، وليس الشكّ بعد غليان الزبيب شكّا آخر مغايرا للشكّ في الحلّيّة المغيّاة والحرمة على تقدير الغليان ، الثابتتين قبل الغليان بل هو هو بعينه ، فإذا لم يكن الشكّ متعدّدا ، فأين السببيّة والمسبّبيّة؟
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤١٣ ـ ٤١٤.
(٢) كفاية الأصول : ٤٦٩.