والآخر عقليّا ، فهذا الكلام ساقط من أصله ، ضرورة أنّ جواز القصاص ـ الّذي هو أثر شرعي للقتل الّذي هو أثر عقلي لبقاء حياة زيد النائم تحت اللحاف إلى زمان قدّه نصفين ـ ليس أثرا لبقاء الحياة (١).
وهذا الّذي أفاده قدسسره لا يمكن المساعدة عليه ، إذ العلم الوجداني بالملزوم وإن كان بعد العلم بالملازمة يوجب العلم باللازم إلّا أنّ العلم بالملزوم تعبّدا مع العلم الوجداني بالملازمة لا يستلزم العلم باللازم لا وجدانا ، ضرورة أنّا نحتمل موت زيد في المثال ـ إذا أخبرت البيّنة بحياته حال قدّه نصفين بالسيف ـ قبل وقوع السيف عليه ، ولا تعبّدا ، بداهة أنّ التعبّد بوجود الملزوم لا يستلزم التعبّد بوجود لازمه بل هو تابع لدلالة الدليل.
وأيضا ما أفاده من أنّ المجعول في باب الاستصحاب هو الجري العملي على طبق اليقين السابق قد عرفت أنّه خلاف ظاهر الأخبار. وقد اختار قدسسره في مبحث القطع أنّ المجعول في الاستصحاب هو صفة المحرزيّة والوسطيّة في الإثبات والعلم من حيث الجري العملي (٢) ، فإذا كان المجعول في البابين أمرا واحدا ، فما الفارق في المقام؟
فالتحقيق : أنّ ما اشتهر من حجّيّة مثبتات الأمارات دون الأصول ممّا لا أصل له ولا يبتني على أساس صحيح ، بل مثبتات الأمارات أيضا في نفسها غير حجّة ما لم يدلّ دليل من الخارج على حجّيّتها. وكلا القسمين ـ أي ما دلّ دليل خارجي على حجّيّة مثبتاته وما لم يدلّ دليل كذلك عليها من الأمارات ـ موجود.
فمن القسم الأوّل : باب الحكايات بأجمعها من أخبار الآحاد والبيّنات
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤١٦ ـ ٤١٨.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١٢ و ١٤.