وجه آخر ، فإنّ وجه حجّيّة الأصل المثبت لو كان ثبوت التعبّد بكلّ من اللازم والملزوم بدليل واحد نظير الحكم الانحلالي ، فما أفاده غير تامّ ، إذ الشكّ في ثبوت اللازم وإن كان مسبّبا عن الشكّ في ثبوت ملزومه إلّا أنّ التسبّب ليس بشرعي ، وبدونه لا يكون الأصل السببي حاكما ، لما مرّ غير مرّة من أنّه لا بدّ في حكومته أن يكون المشكوك بالشكّ المسبّبي من الآثار الشرعيّة للمشكوك بالشكّ السببي ، والمفروض في المقام أنّه من اللوازم العقليّة أو العاديّة له لا من آثاره الشرعيّة.
ولو كان الوجه ثبوت التعبّد بالملزوم بما له من الأثر بلا واسطة أو مع الواسطة بدعوى أنّ أثر أثر الشيء أثر لذلك الشيء ، فما أفاده تامّ ، إذ على هذا الوجه ليس في البين إلّا تعبّد واحد متعلّق بالملزوم بجميع آثاره ، فإذا ثبت الملزوم بالتعبّد الاستصحابي ، يثبت بجميع آثاره ، ومنها أثر اللازم ، ويكون هذا الاستصحاب حاكما على استصحاب عدم حدوث اللازم ، إذ التسبّب على هذا شرعي ، فإنّ المفروض أنّ التعبّد بأثر الملزوم بعينه تعبّد بأثر لازمه ، فيكون مثل التعبّد بطهارة الثوب النجس المغسول بالماء المستصحب الطهارة ، وهذا بخلافه على الوجه الأوّل ، فإنّ التعبّد ـ عليه ـ متعدّد : تعبّد ببقاء الملزوم ، وآخر بحدوث لازمه ، فإذا فرضنا في التعبّد الثاني أنّ عدم حدوث اللازم أيضا متيقّن ومشكوك ، يشمله دليل الاستصحاب في نفسه ، فيتعارض الاستصحابان.
الأمر الثاني : التزم شيخنا الأنصاري قدسسره بحجّيّة الأصل المثبت إذا كانت الواسطة خفيّة بحيث يرى العرف الأثر أثرا لذي الواسطة (١).
وتبعه صاحب الكفاية في ذلك ، وزاد عليه ما إذا كانت الواسطة جليّة
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣٨٦.