ومنها : ما إذا ادّعى المالك أنّه آجره ، وادّعى الآخر أنّه أعاره.
وتوهّم بعض أنّ القول بتقديم قول المالك مبنيّ على الأصل المثبت. وآخر أنّه مبنيّ على قاعدة المقتضي والمانع. وثالث أنّه مبنيّ على جواز التمسّك بالعامّ في الشبهات المصداقيّة.
وأنكر جميع ذلك شيخنا الأستاذ قدسسره ، وذهب إلى أنّ تقديم قول المالك من جهة أنّ موضوع الضمان مركّب من التسلّط على المال والتصرّف فيه ، وعدم اقتران التصرّف برضاء مالكه ، والتصرّف معلوم بالوجدان ، فإذا ضممنا إليه استصحاب عدم مقارنته لرضا مالكه ، يتمّ الموضوع ويحكم بالضمان (١).
وما أفاده إنّما يصحّ في الفرع الأوّل. وأمّا في الفرعين الآخرين فلا ، فإنّ التصرّف جائز ومقرون برضاء مالكه على كلّ تقدير ، فإنّهما اتّفقا في الفرع الثاني على أنّ المال ملك للمتصرّف ، وفي الثالث اتّفقا على اقتران التصرّف بالرضى ، غاية الأمر أنّ المالك يدّعي ضمان المتصرّف بالمسمّى وهو ينكره.
نعم ، في الفرع الثاني إن كانت الهبة بغير ذي رحم ، فللمالك أن يرجع ويستردّ العين ، لكنّه مطلب آخر لا ربط له بالمقام.
بقي فرعان آخران : أحدهما : الشكّ في تقدّم إسلام الوارث على موت مورّثه وتأخّره. والآخر : الشكّ في تقدّم الملاقاة على الكرّيّة وتأخّرها عنها ، وسيجيء الكلام فيهما إن شاء الله.
ثمّ إنّ صاحب الكفاية قدسسره استثنى موارد من الأصل المثبت :
منها : استصحاب الفرد لترتيب آثار الكلّي (٢) ، كاستصحاب خمريّة مائع خارجي لترتيب آثار كلّي الخمر من حرمة الشرب والنجاسة وغير ذلك ، وذلك
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٢٣.
(٢) كفاية الأصول : ٤٧٤.