الفصل بينهما بيقين آخر ، فلو علم بالفصل ـ كما إذا علم بنجاسة ثوبه بعد العلم بطهارته ثمّ شكّ في بقائها ـ لا مجرى إلّا لاستصحاب النجاسة إذا احتمل طهارته بعد نجاسته ، ولا معنى لمعارضة استصحاب النجاسة لاستصحاب الطهارة ، فإنّ اليقين بالطهارة والشكّ في بقائها وإن كان متحقّقين إلّا أنّه انفصل زمان الشكّ عن زمان اليقين بتخلّل اليقين بالنجاسة في البين.
ولو احتمل الفصل بأن علم حدوث حادثين ، ولم يعلم تقدّم أحدهما بالخصوص على الآخر ، فلا يجري الاستصحاب في شيء منهما بعد ما لم يكن الأثر مترتّبا على كلّ منهما بلحاظ عمود الزمان ، لعدم خصوصيّة يوم دون يوم في إرث الوارث من مورّثه ، بل الأثر مترتّب على عدم كلّ منهما في زمان حدوث الآخر ، لأنّ التمسّك بأدلّة الاستصحاب في مثله بعد اعتبار الاتّصال في موضوعه تمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة سيّما في مثل المقام الّذي لا يكون التقييد بدليل منفصل بل يكون بالمتّصل ، فإنّه لا يجوز بلا كلام.
والحاصل : أنّ المستفاد من أخبار الاستصحاب ببركة كلمة «فاء» أنّه يعتبر عدم فصل زمان بين زماني اليقين والشكّ ، فلو تخلّل أو احتمل تخلّل زمان لا يكون زمان اليقين ولا زمان الشكّ ، لا تشمله أدلّة الاستصحاب ـ كما في فرض العلم بالتخلّل ـ أو لا يعلم شمولها له كما في صورة احتماله ، ففي المثال المتقدّم إذا فرضنا أنّ يوم الجمعة لم يتحقّق فيه موت ولا إسلام ، ويوم السبت زمان تحقّق أحدهما ، والأحد زمان تحقّق الآخر ، فإن كان الموت في علم الله تعالى حادثا يوم السبت ، فزمان الشكّ في إسلام الوارث متّصل بزمان اليقين بعدمه وهو يوم الجمعة. وأمّا إن كان الموت في علم الله حادثا يوم الأحد ، فقد تخلّل زمان ـ وهو يوم السبت ـ بين زمان اليقين بعدم الإسلام ـ الّذي هو يوم الجمعة ـ وزمان الشكّ في حدوثه ، وهو يوم الأحد ، وهذا الزمان المتخلّل