وتوضيح الحال بالمثال أن يقال : إنّه إذا فرضنا أنّا نرى من البعيد جسد أحد وعلمنا بموته ونحتمل أن يكون هذا الشخص هو مورّثنا أو مقلّدنا ألسنا نستصحب حياة مورّثنا أو مقلّدنا؟ وهل استشكل أحد في جريان هذا الاستصحاب لأجل احتمال انطباق من علمنا بموته على من كنّا على يقين من حياته؟
وبالجملة ، موضوع الاستصحاب حيث إنّه اليقين والشكّ إمّا أن يعلم بتحقّقه أو يعلم بعدم تحقّقه ، وأمّا الشكّ في ذلك فلا يعقل في مورد أصلا.
فظهر أنّ ما جعله صاحب الكفاية وبعض الأكابر وشيخنا الأستاذ قدسسره من الموارد الثلاثة من الشبهة المصداقيّة لموضوع دليل الاستصحاب ليس على ما ينبغي.
وظهر أيضا جريان الاستصحاب في جميع صور مجهولي التاريخ في نفسه ، وأنّ عدم الجريان مستند إلى المعارضة لا إلى وجود المانع في نفسه ، وقد عرفت أنّ الصورة الرابعة من هذه الصور ـ وهي ما كان الموضوع مركّبا من وجود أحد الحادثين وعدم الآخر في زمانه ـ مسألة مهمّة تترتّب عليها فروع مهمّة ، منها : باب الإرث ، فينفى الإرث باستصحاب عدم الإسلام إلى زمان الموت ، لعدم كونه معارضا باستصحاب بقاء الحياة إلى زمان الإسلام ، لعدم كون الحياة في حال الإسلام موضوعا لحكم شرعي ، وعدم إثبات هذا الاستصحاب تحقّق الموت في زمان الإسلام ، فلا يتمّ ما أفاده شيخنا الأستاذ من المعارضة (١). هذا كلّه في مجهولي التاريخ.
وأمّا ما كان أحدهما معلوم التاريخ فيجري الاستصحاب في الثلاث الأول
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٢٧ و ٤٣٢ و ٤٣٤.