نجاسة الكرّ الواقعي بملاقاته للنجس حين عدم إحراز كرّيّته ، وهو قدسسره أيضا لا يلتزم بذلك بل يصرّح بخلافه ، فلا بدّ أن يكون طريقا إلى الواقع ، وحينئذ فالمحكوم بعدم الانفعال هو الكرّ الواقعي ، وبالانفعال هو ما يكون قليلا واقعا ، فالمشكوك ـ على ما أفاده ـ محكوم بحكم ظاهريّ هو الانفعال ، وكيف يمكن استفادة الحكم الواقعي للمعلوم وغيره ، والحكم الظاهري للمشكوك من قوله عليهالسلام : «إذا بلغ الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء»!؟
هذا كلّه في الموضوعات المركّبة ، أمّا إن كان الأثر مترتّبا لا على الموضوع المركّب من وجود أحد الحادثين في زمان عدم الآخر أو العكس ، بل الأثر كان مترتّبا على المتأخّر من الحادثين المتضادّين في الوجود ، كالقيام والقعود ، والفسق والعدالة ، والحدث والطهارة وغير ذلك ممّا لا يمكن اجتماعهما في زمان واحد ، ووجود أحدهما ملازم لانتفاء الآخر ، ففي جريان الاستصحاب فيهما في نفسه لو لا التعارض مطلقا ، أو عدم الجريان في نفسه مطلقا بمعنى عدم تماميّة أركانه ، أو التفصيل بين معلوم التاريخ ومجهوله وجوه تقدّمت في الموضوعات المركّبة ، فصاحب الكفاية يمنع عن جريان الاستصحاب في مجهولي التاريخ ، لعدم اتّصال زمان الشكّ بزمان اليقين (١). لكنّ بين المقامين فرقا من جهة أنّ هناك كان زمانا يعلم بتحقّق كلا الحادثين فيه ، والانفصال باعتبار تخلّل زمان بين زماني المشكوك والمتيقّن ، بخلاف المقام ، فإنّا إذا علمنا بتحقّق وضوء وحدث فيما بين طلوع الشمس والزوال ولم نعلم المتأخّر منهما ، ففي أيّ آن أشرنا إليه من الزوال إلى الطلوع نحن على شكّ من الوضوء والحدث ، ولا علم لنا في هذا القوس النزولي من الزمان
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٧٨ ـ ٤٧٩.