وإنّما وقع الكلام والإشكال فيما إذا خصّص العامّ أو المطلق المفيد للعموم من جهتين : الأفرادي والأزماني ، بمخصّص في بعض الأزمان في أنّه هل هو من موارد التمسّك بالعامّ ، والحكم بأنّ الفرد الخارج محكوم بحكم العامّ فيما بعد زمان التخصيص ، أو من موارد التمسّك باستصحاب حكم المخصّص؟
وهذا البحث بحث نفيس ، له كثير فائدة في الفقه سيّما في باب الخيارات ، فإذا شكّ في خيار الغبن أنّه فوري ينقضي بمجرّد ظهور الغبن وعدم إعمال ذي الخيار خياره مع تمكّنه منه ، أو أنّه باق حتى مع التسامح والتساهل؟ يجري هذا الكلام.
وتمسّك المحقّق الثاني قدسسره بعموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) وحكم بفورية الخيار (٢).
واستشكل عليه الشيخ قدسسره ، وحاصل إشكاله ـ على ما هو ظاهر كلامه في رسالته ـ هو أنّ الدليل الدالّ على حكم العامّ إن أخذ الزمان فيه ظرفا للحكم بحيث يكون الحكم حكما واحدا مستمرّا ، له إطاعة واحدة وعصيان واحد بنحو العامّ المجموعي نظير وجوب الإمساك من الفجر إلى المغرب ، فالمورد مورد للتمسّك بالاستصحاب ، ولا يجوز التمسّك بالعامّ ولو لم يكن الاستصحاب جاريا لمانع من ابتلائه بمعارض ونحوه ، لخروج العقد الغبني ـ مثلا ـ عن تحت العامّ في زمان ، وعوده بعد ذلك وشموله له يحتاج إلى دليل.
وإن أخذ قيدا للحكم ومفرّدا له بنحو العامّ الاستغراقي بحيث يكون هناك أحكام متعدّدة بحسب تعدّد الأزمان ، ويكون لكلّ منها إطاعة وعصيان
__________________
(١) المائدة : ١.
(٢) جامع المقاصد ٤ : ٣٨.