هذا ، وللنظر فيما أفاده مجال ، لأنّ ما أفاده من عدم إمكان تكفّل دليل الحكم لبيان استمراره إنّما يتمّ بالنسبة إلى مقام استمرار الجعل ، فإنّ نفس دليل (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(١) لا يمكن أن يتكفّل لاستمرار هذا الجعل ، وأنّه مستمرّ لا ينسخ ، بل لا بدّ لإثبات ذلك من التمسّك بدليل آخر لفظي ، ك «حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة» أو أصل عملي ، كاستصحاب عدم النسخ.
أمّا استمرار المجعول وسعة دائرته وضيقها ـ الّذي هو مركز البحث ومحلّ النزاع ، إذ لا نزاع في نسخ حكم خيار الغبن وعدم نسخه ـ فيمكن تكفّل دليل واحد له بلا ريب ، كما في إنشاء الزوجيّة الدائميّة ، مثلا : يمكن جعل وجوب الحجّ في كلّ سنة بإنشاء واحد ، كما يمكن جعل وجوبه مرّة واحدة في العمر. وهذا واضح جدّاً.
ثمّ لو سلّمنا الفرق المذكور ، فلا نسلّم الفرق الثاني في المقام ، أي صحّة التمسّك بالعموم إذا لوحظ الاستمرار في المتعلّق ، وعدم صحّته إذا لوحظ في الحكم ، إذ العقد الغبني كان عقدا لازما عند ظهور الغبن يقينا ، فموضوع الحكم باستمرار اللزوم ـ وهو العقد اللازم ـ قد تحقّق ، فلا بدّ من الحكم باستمرار اللزوم في جميع الأزمنة إلّا زمان خرج بالدليل.
هذا ، مضافا إلى ما تقدّم في بحث التعبّدي والتوصّلي من أنّ الزمان دائما يكون ملحوظا في المتعلّق دون الحكم إلّا في مرحلة الجعل.
وبالجملة ، هذا التفصيل الّذي أفاده لا يمكن المساعدة عليه. وكلام الشيخ يأباه أيضا ، بل صرّح بخلافه في مواضع من كلامه (٢) ، وبعد ذلك لا يبقى
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.
(٢) انظر على سبيل المثال : فرائد الأصول : ٣٩٥.