الدليل الثاني قرينة منفصلة على أنّ المراد الجدّي من الدليل الأوّل هو وجوب تسعة أجزاء لا غير ، كما إذا بيّن ذلك بالاستثناء المتّصل ، ففي جميع الموارد لا بدّ من التمسّك بالعامّ فيما لم يقطع بخروجه ، أو لم يدلّ دليل أقوى على خروجه ، ولا فرق بين الأفراد العرضيّة والطوليّة ، كما عرفت.
هذا ، وفي الآية المباركة (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) خصوصيّة لمادّة «الوفاء» ـ الّذي قلنا : إنّه بمعنى الإتمام والإنهاء إلى الآخر ، يقال : «الدرهم الوافي» أي : الكامل التامّ. والوفاء بالعهد والوعد : إبقاؤه وعدم نقضه ، ولازم عدم النقض العمل بما عهد ووعد ـ وهي أنّ الأمر بالوفاء إمّا مولويّ أو إرشاد إلى لزوم العقد وعدم انفساخه بالفسخ ، وعلى كلّ حال يستفاد من الآية المباركة لزوم العقد إمّا مطابقة أو التزاما ، واللزوم حكم واحد غير قابل للتعدّد بحسب الأزمنة ، فكلّ عقد ، له لزوم واحد ووفاء فارد ، فعموم الآية من جهة الأزمان مجموعيّ ، فإذا خرج عقد في زمان بدليل لم يكن له إطلاق ـ كدليل خيار الغبن ، فإنّ دليله إجماع أو «لا ضرر» ـ يتمسّك بعموم الآية ، ويحكم بفوريّته.
التنبيه الثالث عشر : الشكّ المأخوذ في أخبار الاستصحاب هو بحسب اللغة والعرف خلاف اليقين ، وإطلاقه على الاحتمال المتساوي الطرفين اصطلاح من المنطقيّين أو غيرهم ، فمع الظنّ بالخلاف أيضا يجري الاستصحاب.
ولو فرض كون معناه الاحتمال المتساوي الطرفين بحسب اللغة والعرف ، ففي نفس أخبار الباب قرائن على كون المراد منه خلاف اليقين ، فإنّ قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة بعد السؤال عنه : عمّا إذا حرّك في جنبه شيء وهو
__________________
(١) المائدة : ١.