وإن كان من قبيل الثاني ، فإن كان الشكّ راجعا إلى مرتبة المجعول ، فلا محالة يكون منشأ الشكّ هو الأمور الخارجيّة ، كالشكّ في بقاء وجوب الصوم على من احتمل حدوث مرض فيه بالصوم مضرّ ، وكالشكّ في بقاء الطهارة ، لاحتمال حدوث ناقض من النواقض ، كالبول أو المنيّ ، والاستصحاب في منشأ الشكّ في هذا القسم ـ كاستصحاب عدم حدوث المرض أو عدم حدوث البول ـ مغن عن استصحاب الحكم.
وإن كان الشكّ راجعا إلى مرتبة الجعل لكن من غير جهة النسخ ، بل لأجل الشكّ في سعة دائرة الموضوع وضيقها ، فلا بدّ من النّظر في أنّ العبرة في بقاء الموضوع هل هو بنظر العقل أو لسان الدليل أو العرف؟
فإذا قطع بارتفاع الموضوع على جميع التقادير من جهة انقلاب قيد وجودي يحتمل دخله في موضوع الحكم ، إلى العدم ، أو عدميّ كذلك إلى الوجود ـ كما إذا قطع بارتفاع الموضوع كالكلب الّذي وقع في المملحة فصار ملحا فاحتملنا نجاسته من جهة احتمال أنّ الموضوع الواقعي هو المادّة المشتركة بين الصورتين لا المادّة المتصوّرة بخصوص الصورة الكلبية ، إذ الملح الّذي يكون بصورة الكلب مغاير للكلب عقلا وعرفا ودليلا ـ فواضح أنّه لا يجري استصحاب الحكم ، ولا معنى لاستصحاب الموضوع ، إذ ما كان متيقّن النجاسة ـ وهو الكلب ـ قد ارتفع قطعا ، وما يكون باقيا يقينا ـ وهو المادّة المشتركة بين الصورتين ـ لم يكن متيقّن النجاسة ، فأي شيء نستصحبه؟ واستصحاب بقاء معروض النجاسة ، وبعبارة أخرى : استصحاب الموضوع بوصف الموضوعيّة عبارة أخرى عن استصحاب الحكم. وهذا الكلام سار في جميع الشبهات المفهوميّة.
وأمّا إذا شكّ في ارتفاعه وبقائه على بعض التقادير ، فيختلف الحال