باختلاف المباني ، وهذا كما إذا ورد «إنّ الماء إذا تغيّر ينفعل» أو ورد «إنّ الماء المتغيّر ينفعل» ، فإنّ الموضوع في الأوّل عند زوال التغيّر بنفسه مرتفع عقلا ـ بداهة أنّ تغاير «الماء بشرط التغيّر» و «بشرط عدم التغيّر» عقلا هو تغاير «بشرط شيء» و «بشرط لا» ـ وباق عرفا ودليلا ، أمّا دليلا : فواضح ، وأمّا عرفا : فلأنّ العرف يرى التغيّر من حالات الماء وأنّ الماء هو الموضوع ، والموضوع في الثاني عند زوال التغيّر مرتفع عقلا ودليلا ، وباق عرفا ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ الشيخ قدسسره خصّ جريان الاستصحاب بموارد الشكّ في الرافع بناء على كون العبرة بنظر العقل (١).
وأورد عليه بأنّه على مبناه ـ من إنكار جريان الاستصحاب في موارد الشكّ في المقتضي ـ لا وجه لهذا البناء ، إذ الاختصاص ثابت بيننا على كون العبرة بنظر العقل أو العرف أو لسان الدليل.
وصاحب الكفاية (٢) أفاد أنّ الالتزام بكون العبرة بنظر العقل مساوق لإنكار جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة بالمرّة ولو كان من جهة الشكّ في الرافع ، إذ الشكّ في بقاء الحكم من غير جهة النسخ لا يعقل بعد استحالة البداء إلّا لأجل صيرورة الموضوع عادما لما كان واجدا له أو واجدا لما كان عادما له من الخصوصيّة التي يحتمل دخلها في موضوع الحكم.
ولشيخنا الأستاذ قدسسره كلام وجّه به كلام الشيخ قدسسره. وحاصله : أنّ الرافع ، له إطلاقان :
أحدهما : ما يكون مقابلا للمقتضي ، وهو بهذا المعنى ما يكون عدمه دخيلا في الموضوع ، ويكون الحكم بدونه باقيا إلى الأبد. وبالجملة ، ما يكون
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٠١.
(٢) كفاية الأصول : ٤٨٧.