ـ كما أفاده صاحب الكفاية ـ من اختصاص جريان الاستصحاب بالشبهات الموضوعيّة بأجمعها إلّا في بعض الموارد ، كاستصحاب كرّيّة ماء نقص منه مقدار قليل.
وقد يقال : إنّ القول باعتبار نظر العرف أو العقل في مقابل لسان الدليل ممّا لا وجه له ، فإنّ العقل لا يكون نبيّا مشرّعا ، ولا طريق له في فهم ما له دخل في الحكم. ونظر العرف إن كان المراد نظره فيما يفهمه من الدليل ، فليس شيئا غير الدليل حتى يجعل مقابلا له ، وإن كان المراد نظره المسامحي ـ بعد أخذ المفهوم بالنظر الدقّي العرفي ـ في التطبيقات الخارجيّة كمسامحته في باب الأوزان ، فيقول من عنده منّ من الحنطة إلّا مثاقيل : «عندي منّ من الحنطة» فواضح أنّ العرف ليس نبيّا مشرّعا ، ولا يعتنى بمسامحاته في تطبيق ما جعله الشارع موضوعا للحكم ، على الخارجيّات.
وهذا الإشكال نشأ من عدم التفرقة بين الحدوث والبقاء ، وهو تامّ في مرحلة الحدوث ، لما ذكر ، أمّا في مرحلة البقاء ـ التي هي محلّ الكلام ـ فالمقابلة واضحة.
توضيح ذلك : أنّا تارة نتكلّم فيما جعله الشارع موضوعا للحكم ابتداء ونرجع إلى العرف في تشخيص ذلك. وأخرى نتكلّم ـ بعد أخذ الموضوع بجميع قيوده وخصوصيّاته من الدليل وتعيين مفهومه من العرف بنظره الدقّي ـ في بقاء هذا الموضوع إذا انقلب بعض قيوده الوجوديّة إلى العدم أو بعض قيوده العدميّة إلى الوجود ، واختلاف الموضوع الدليلي والعرفي وتقابلهما يكون في هذه المرحلة ، مثلا : إذا ورد «الماء إذا تغيّر ينجس» فإذا زال تغيّره بنفسه ، يكون الموضوع ـ الّذي هو الماء ـ باقيا دليلا وعرفا. وإذا ورد «الماء المتغيّر ينجس» فالموضوع الدليلي عند زوال التغيّر غير باق ، بخلاف الموضوع