هو طهارة أحدهما ، وهو لا يكون ناقضا لليقين السابق ، إذ الناقض ـ بمقتضى المقابلة بين الصدر والذيل ـ هو اليقين بخلاف ما تعلّق به اليقين السابق ، مثلا : إذا تعلّق اليقين السابق بنجاسة الكأس الأبيض ، فناقضه هو طهارة هذا الكأس بعينه ، لا طهارة أحد الكأسين ، المحتمل انطباقه على هذا الكأس.
نعم ، لو أردنا استصحاب نجاسة أحدهما لا بعينه بمعنى غير المعيّن عندنا المعيّن في الواقع ، لكان العلم بطهارة ذلك المعيّن الواقعي غير المتميّز والمجمل عندنا ناقضا له.
ثانيهما : سلّمنا إجمال ما كان مذيّلا بهذا الذيل من أدلّة الاستصحاب فأيّ مانع من شمول ما ليس فيه هذا الذيل للمقام؟ إذ إجمال دليل لا يسري إلى دليل آخر منفصل عنه.
ووافق الشيخ قدسسره شيخنا الأستاذ ـ قدّس الله نفسه ـ في ذلك ، لا لما ذكره ، بل لمانع ثبوتي ، وهو أنّ الاستصحاب حيث إنّه من الأصول المحرزة فمعنى استصحاب النجاسة في كلا الكأسين هو التعبّد ببقاء نجاسة كلّ منهما ، وهذا ممّا نعلم بخلافه ، ولا يعقل التعبّد بما يعلم بخلافه (١).
ويرد عليه أوّلا : النقض بجريان قاعدة الفراغ ـ التي هي من الأصول المحرزة ، بل قوّى هو قدسسره أماريّته (٢) ـ واستصحاب الحدث فيما إذا صلّى من يعلم بكونه محدثا قبل الصلاة ويحتمل أنّه توضّأ قبلها وصلّى مع الوضوء ، فإنّ قاعدة الفراغ حاكمة بصحّة صلاته الماضية ، واستصحاب الحدث حاكم بوجوب الوضوء لصلاته الآتية ، ولم يستشكل هو قدسسره ولا غيره ظاهرا في جريان كلا الأصلين مع العلم الوجداني بخلاف ما أدّيا إليه.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٩٩.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٤٦٣.