يتساقط الأصلان مطلقا ، ومثاله المعروف ـ الّذي هو منحصر ظاهرا ـ هو الماء الطاهر المتمّم كرّا بماء نجس أو العكس ، فإنّ استصحاب طهارة الطاهر ونجاسة النجس مخالف لما ادّعوا من الإجماع على أنّ الماء الواحد لا يختلف حكمه.
هذا كلّه في تعارض الاستصحابين ، وتعارض الاستصحاب مع غيره من الأصول من أصالة الطهارة وأصالة الحلّ وأصالة الإباحة وأمثالها ، وأمّا تعارضه مع أصالة الصحّة في عمل الغير ، وأصالة الصحّة في عمل نفس المكلّف المعبّر عنها بقاعدتي الفراغ والتجاوز : فمنهم من بنى على تقدّمها على الاستصحاب تقدّم الأمارة على الأصل ، نظرا إلى كونها أمارات ، كما يستفاد ذلك من قوله عليهالسلام : «بلى قد ركعت» (١) وقوله عليهالسلام فيمن شكّ في الوضوء بعد ما فرغ : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (٢) وغير ذلك ، وأنّ ظاهر حال المريد لإتيان مركّب تامّا أنّه في مقام العمل يأتي بتمامه وإن كان غافلا حينه على طبق إرادته الارتكازيّة الإجماليّة ، لأنّها تابعة للإرادة التفصيليّة. واحتمال الإخلال العمدي على خلاف الظاهر والسهوي بعيد لا يعتنى به ، فاعتبر الشارع هذا الظاهر واعتنى به.
وهذا الوجه تامّ على تقدير كون الاستصحاب أصلا ، وأمّا على ما بنينا عليه من كونه أيضا أمارة أو على القول بكون كلّ من قاعدة الفراغ والاستصحاب أصلا فلا.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٥١ ـ ٥٩٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٧ ـ ١٣٥٤ ، الوسائل ٦ : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، الباب ١٣ من أبواب الركوع ، الحديث ٣.
(٢) التهذيب ١ : ١٠١ ـ ٢٦٥ ، الوسائل ١ : ٤٧١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.