بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله ربّ العالمين ، والصلاة والسلام على خير خلقه ، محمد وآله الطاهرين ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين.
أمّا بعد ، فالبحث في قاعدة الفراغ. والكلام فيها ـ قبل الورود في البحث ـ يقع في أمور :
الأوّل : في أنّها هل هي من القواعد الفقهيّة أو الأصوليّة؟
فنقول : الميزان في كون القاعدة قاعدة أصوليّة هو أن يستنتج منها ـ إذا انضمّت إليها صغرى من صغرياتها ـ حكم كلّي إلهي قابل لإلقائه إلى المقلّدين وإلى عامّة الناس ، ويكون تطبيق الكبرى على الصغرى من شئون المجتهد ، ولا حظّ للمقلّد في ذلك ، وهذا كمسألة حجّيّة خبر الواحد وقاعدتي الحلّ والبراءة في الشبهات الحكميّة ، مثلا : إذا أخبر زرارة بوجوب السورة ، تصير صغرى قاعدة حجّيّة خبر الواحد وجدانيّة ، فيقال : السورة ممّا أخبر العادل بوجوبها في صلاة الفريضة : وكلّ ما أخبر العادل بوجوبه فهو واجب أو إخباره علم بالوجوب أو منجّز للواقع على اختلاف المشارب في معنى الحجّيّة من جعل الحكم المماثل أو الطريقيّة أو المنجّزيّة ، هذا هو ميزان القاعدة الأصوليّة.
وأمّا القاعدة الفقهيّة فهي ما يكون بنفسه كذلك ، أي حكما كلّيّا إلهيّا قابلا للإلقاء إلى عامّة الناس ، ويكون تطبيقها على صغرياتها من وظائف المقلّد ، ولا فائدة لعلم المفتي بالصغرى ما لم يعلم المقلّد بها ، وهذا كقاعدة الطهارة المضروبة لكلّ ما شكّ في طهارته ونجاسته من الموضوعات من جهة الشبهة الخارجيّة ، فإنّها بنفسها حكم كلّي ، وفعليّة هذا الحكم تابعة لفعليّة موضوعه