وشيخنا الأستاذ قدسسره بنى على أنّه ليس لها عموم ، وأنّ خروج الطهارات الثلاث بالتخصّص لا التخصيص (١).
والمناسب صرف عنان الكلام إلى أنّ قاعدتي التجاوز والفراغ هل هما قاعدة واحدة نحن سمّيناها باسمين ، أو أنّهما قاعدتان؟ حتى يتّضح المرام ، لشدّة ارتباطه بالمقام حتى قيل : إنّ النزاع في العموم والخصوص مبنيّ على الاتّحاد وعدمه ، فعلى الاتّحاد عامّة وعلى العدم خاصّة بخصوص الصلاة دون غيرها.
فنقول : قد استشكل على الاتّحاد بوجوه :
الأوّل : أنّ مفاد قاعدة الفراغ هو التعبّد بصحّة العمل مع كون أصل الوجود مفروضا ، ومفاد قاعدة التجاوز هو التعبّد بأصل الوجود ، فالجمع بينهما في دليل واحد مستلزم لاستعمال اللفظ في أكثر من معنى بل أفحش ، إذ كيف يمكن في دليل واحد فرض شيء موردا للتعبّد ، وخارجا عن دائرته وأخذه مفروض الوجود!؟
وأجيب : بأنّ الشكّ في صحّة الشيء مرجعه إلى الشكّ في وجود الصحيح ، فالتعبّد تعلّق بأصل الوجود وبمفاد «كان» التامّة في كلتا القاعدتين ، ولم يؤخذ الوجود مفروضا في إحداهما وموردا للتعبّد في الأخرى. هذا ما أجاب به الشيخ (٢) قدسسره عن هذا الإشكال.
وقد أورد عليه شيخنا الأستاذ قدسسره بوجهين :
الأوّل : أنّه خلاف ظواهر الأدلّة ، فإنّ ظاهر قوله عليهالسلام : «فأمضه كما هو» هو الحكم بصحّة الماضي لا بوجود الصحيح ، فإرجاعه إلى ذلك يشبه الأكل
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٦٨.
(٢) فرائد الأصول : ٤١٤.