من القفا.
الثاني : ما أفاده تبعا لصاحب الكفاية من أنّ ما ذكر إنّما يتمّ في العبادات ، حيث إنّ همّ العقل فيها ليس إلّا العلم بتحقّق المأمور به في الخارج ووجود الصلاة الصحيحة مثلا ، وأمّا كون الصلاة الخارجيّة صحيحة فلا همّ للعقل في ذلك. وبعبارة أخرى : لا غرض للعقل إلّا الخروج عن عهدة تكليف المولى ، وهو يحصل بالتعبّد بوجود الصلاة الصحيحة ، ولا حاجة في ذلك إلى إثبات كون المأتيّ بها صحيحة.
نعم ، ربّما يتعلّق غرضه بذلك من جهة نذر وشبهه.
وأمّا في المعاملات فالغرض متعلّق بصحّة الموجود لا بوجود الصحيح ، والتعبّد بوجود الصحيح لا يثبت صحّة الموجود (١).
وما أفاده أوّلا تامّ ، بخلاف الإيراد الثاني ، إذ الغرض في المعاملات أيضا متعلّق بوجود الصحيح ، ضرورة أنّ التعبّد بوجود عقد نكاح صحيح متعلّق بامرأة معيّنة يكفي لترتيب آثار الزوجيّة من وجوب الإنفاق وغيره ، ولا حاجة إلى إثبات صحّة العقد الواقع ، وهكذا في البيع وغيره من المعاملات ، فالآثار نوعا تترتّب على وجود الصحيح لا صحّة الموجود بلا فرق بين العبادات والمعاملات.
والتحقيق : أنّ هذا الإشكال ساقط من أصله ، لما مرّ مرارا من أنّ الإطلاق ـ سواء كان شموليّا كما في (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٢) أو بدليّا كما في «أعتق رقبة» حيث يكون المطلوب صرف وجود الرقبة ـ معناه رفض القيود وإلغاؤها لا أخذها والجمع فيها ، بمعنى أنّ المتكلّم يلاحظ طبيعة البيع ، ويلاحظ أيضا
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٦٤ ـ ٤٦٥.
(٢) البقرة : ٢٧٥.