جميع خصوصيّاتها المتخصّصة بها ويلغيها ، فيحكم بحلّيّة طبيعة البيع أينما سرت ، وهكذا في المطلق البدلي ، غاية الأمر أنّه يحكم بمطلوبيّة عتق صرف وجود الرقبة. وبالجملة ، القيود ملحوظة في المطلق مطلقا لحاظ الإلغاء لا لحاظ الدخل.
فحينئذ نقول : قوله عليهالسلام : «كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو» (١) دالّ على أنّ طبيعيّ الشكّ ـ المتعلّق بالشيء الماضي ملغى عنه جميع الخصوصيّات : خصوصية كون المشكوك وجود الشيء أو صحّته أو غير ذلك من الخصوصيّات ـ لا يعتنى به ، فموضوع الحكم بعدم الاعتناء مطلق ، غير ملحوظ فيه شيء من الخصوصيّتين ، لعدم دخلهما في الحكم ، فلم يؤخذ فيه شيء منهما حتى يقال : لا يمكن الجمع بينهما في اللحاظ في استعمال واحد.
وممّا يشهد على ذلك : أنّه لم يتوهّم أحد جريان هذا الإشكال في شمول دليل البيّنة للبيّنة المخبرة بوجود الركوع مثلا ، والبيّنة المخبرة بصحّة الركوع المأتيّ به مع أنّهما من باب واحد ، وسرّه ما ذكرنا من أنّ الموضوع مطلق ، وإنّما الاختلاف في خصوصيّاته التي لا دخل لها في الحكم ، وتكون ملغاة غير ملحوظة ، فإخبار البيّنة بشيء موضوع للحكم بالحجّيّة من دون نظر إلى أنّ المحاجّ به أيّ شيء : وجود شيء أو صحّته أو فساده؟
نعم ، هناك شبهة أخرى غير قابلة للدفع ، ومن جهتها لا بدّ من الالتزام بتعدّد القاعدتين ، وهي ما أفاده الشيخ قدسسره من أنّ ظاهر الشكّ في الشيء هو الشكّ في أصل وجوده لا في صحّته بعد الفراغ عن أصل وجوده ، فظاهر «إذا شككت في شيء ممّا قد مضى» هو الشكّ في وجود الشيء ، وجعل قاعدة
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٤٤ ـ ١٤٢٦ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل ، الحديث ٣.