الأجزاء في قاعدة الفراغ لوحظت لحاظ الاندكاك في الكلّ ، فإنّ الملحوظ الاستقلالي في مقام التعبّد بصحّة المركّب هو نفس المركّب بما هو مركّب وأمر وحداني ، وفي قاعدة التجاوز لوحظت استقلالا ، ولا يمكن الجمع بين اللحاظ الاستقلالي والاندكاكي في استعمال واحد (١).
وفيه أوّلا : أنّ قاعدة الفراغ كما تجري في المركّب عند الشكّ في صحّته ، كذلك تجري في أجزائه من الركوع والسجود وغير ذلك إذا أتى بالجزء وشكّ في صحّته ، فالإشكال مشترك الورود ، فلا بدّ من الجواب عنه حتى لو قلنا بتعدّد القاعدتين ، فإنّ شمول قاعدة الفراغ للمركّب والأجزاء مستلزم للجمع بين اللحاظين.
وثانيا : أنّ سبق الأجزاء على المركّب وتقدّمها عليه بالطبع وكونها بمنزلة المادّة والمركّب بمنزلة الصورة لا يوجب شيء من ذلك عدم شمول الدليل لهما ، وهل يتوهّم عدم شمول قولنا : «كلّ فعل اختياري مسبوق بالتصوّر» للمركّب والأجزاء بدعوى أنّ الشمول مستلزم للجمع بين اللحاظين؟
وحلّه : ما ذكرنا من أنّ الإطلاق معناه رفض القيود لا أخذها ، فأيّ مانع لشمول قوله عليهالسلام : «كلّ ما شككت فيه ممّا قد مضى فأمضه كما هو» (٢) للمركّب والأجزاء بعد كون كلّ من خصوصيّة الكلّيّة والجزئيّة ملغى وغير ملحوظ؟ فمع عدم اللحاظ أصلا أيّ معنى للجمع بين اللحاظين؟
وثالثا : أنّ ما ذكر لو سلّم إنّما يجري لو قلنا باختلاف موردي القاعدتين ، وأمّا على ما اخترناه ـ من اتّحاد موردهما ، لرجوع الشكّ في الصحّة إلى الشكّ
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٦٥.
(٢) التهذيب ٢ : ٣٤٤ ـ ١٤٢٦ ، الوسائل ٨ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨ ، الباب ٢٣ من أبواب الخلل ، الحديث ٣.