في وجود الجزء أو الشرط ـ فهذا الإشكال ساقط من أصله ، إذ الشكّ في صحّة المركّب أيضا شكّ في تحقّق جزء من أجزائه أو شرط من شرائطه ، فالملحوظ هو الجزء أو الشرط لا المركّب.
الوجه الثالث من وجوه الإشكال : ما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره ، ومذكور في كلام الشيخ قدسسره أيضا من أنّ التعابير المذكورة في الروايات من «التجاوز» و «المضيّ» و «الخروج من الشيء» في مورد قاعدة الفراغ على نحو الحقيقة ، وفي مورد قاعدة التجاوز باعتبار التجاوز عن المحلّ ، فإسناد المضيّ وأمثاله إلى المشكوك فيه إسناد مجازي وإلى غير ما هو له ، فالقول بشمول دليل واحد لكلا الموردين مستلزم للجمع بين الإسناد الحقيقي والمجازي في استعمال واحد ، وكون إسناد المضيّ وشبهه إلى المشكوك فيه حقيقيّا إذا كان المشكوك فيه وصف الصحّة ومجازيّا إن كان نفس العمل ، وكيف يمكن الجمع بينهما في دليل واحد (١)!؟
وفيه : أنّ الإسناد مجازي على كلّ حال ، لما ذكرنا من أنّ الصحّة أمر انتزاعي ، والشكّ فيها ناش من الشكّ في منشأ انتزاعها من وجود شيء ممّا اعتبر في المأمور به مثلا ، جزءا أو شرطا ، فالتجاوز باعتبار المحلّ لا محالة.
وممّا يوضّح ما ذكرنا ظهور الروايات في كون المضيّ متعلّقا بنفس المشكوك فيه ، ضرورة رجوع الضمير في قوله عليهالسلام : «امضه كما هو» إلى المشكوك فيه ، وكما أنّ المشكوك فيه في مورد قاعدة التجاوز غير ماض حقيقة وإنّما الماضي هو محلّه كذلك المشكوك فيه في مورد قاعدة الفراغ ـ وهو وصف الصحّة ـ غير ماض ، وإنّما الماضي هو ذات العمل الّذي هو معلوم أنّه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٦٧ ، فرائد الأصول : ٤١٠.