وقبل التجاوز عن المحلّ.
وهذا بخلاف ما إذا قلنا بتعدّدهما ، فإنّه لا محذور فيه ، حيث إنّ المجعول الأوّلي هو قاعدة الفراغ ، والتعبّد تعلّق بعدم الاعتناء بالشكّ بعد التجاوز عن العمل والمضيّ عنه ، غاية الأمر أنّ الشكّ في الجزء بعد الدخول في جزء آخر وقبل تماميّة العمل ـ مع أنّه شكّ قبل التجاوز ـ جعل بالحكومة والتنزيل المولوي من الشكّ بعد التجاوز ، فدليل قاعدة التجاوز مخصّص لبّا لمفهوم دليل قاعدة الفراغ ومخرج لهذا الفرد عن عموم مفهومه بلسان الحكومة وجعل الشكّ قبل التجاوز تعبّدا شكّا بعد التجاوز ، فلا تنافي بينهما ، ولا يمكن الالتزام بمثل هذه الحكومة في دليل واحد وقاعدة واحدة ، ولا محذور فيه في الدليلين المتكفّلين لبيان قاعدتين (١).
وفيه : أنّه لو كان لنا شكّ واحد ذو وجهين من جهة كان موردا للمفهوم ومن جهة أخرى موردا للمنطوق ، لكان لما ذكر وجه ، لكنّ النّظر الدّقيق يقضي بأنّ هناك شكّين أحدهما مسبّب عن الآخر ، إذ لنا شكّ في الركوع بعد الإتيان بالسجود ، وهذا شكّ بعد التجاوز ومحكوم بعدم الاعتناء ، وشكّ آخر في صحّة الأجزاء اللاحقة ، وهو مسبّب عن الشكّ الأوّل ، حيث لا منشأ له إلّا احتمال عدم الإتيان بالركوع وإلّا فلو علمنا بإتيانه لعلمنا بصحّة الأجزاء اللاحقة ووقوعها في موقعها ، فبعد التعبّد بإتيان الركوع يرتفع الشكّ في صحّة السجود والتشهّد وغير ذلك من الأجزاء اللاحقة ، فلا يكون بعد ذلك موردا لمفهوم قاعدة الفراغ حتى يتحقّق التنافي بين المنطوق والمفهوم ، فاتّضح من جميع ما ذكرنا اتّحاد القاعدتين وعدم ما يصلح للالتزام بتعدّدهما.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٦٥ ـ ٤٦٦ ، فرائد الأصول : ٤١١ ـ ٤١٢.