في مقام التخاطب دون غيرها ، مع أنّه لا يشكّ أحد من العرف في استفادة العموم ، وهل يتوهّم أحد ـ إذا سئل الإمام عليهالسلام : عن إكرام زيد العالم ، فأجاب : «كلّ عالم يجب إكرامه» أو «يجب إكرام العالم» ـ اختصاص الحكم بزيد؟
وبيّنّا هناك أنّ لفظة «كلّ» بنفسها متكفّلة لتسرية الحكم لكلّ ما ينطبق عليه مدخولها ويصدق عليه ، ولا حاجة إلى إجراء مقدّمات الحكمة في نفس المدخول ، بل المدخول على ما هو عليه ـ من كونه كلّيّا طبيعيّا قابلا للصدق على كثيرين ونعبّر عنه باللابشرط المقسمي ـ بجميع أفراده القابل صدقه عليها والممكن انطباقه عليها مشمول للحكم ببركة لفظة «كلّ» لا غير ، فلا مانع من الأخذ بإطلاق الرواية الأولى وعموم الثانية ، الحاكمين بعدم الاعتناء بالشكّ في الشيء الماضي في أثناء العمل أو بعده ، ولا بدّ من الخروج عن هذا العموم من التماس دليل عليه.
نعم ، لو كان المطلق أو مدخول «كلّ» منصرفا إلى القدر المتيقّن أو غيره ، لكان الحكم مختصّا بالمنصرف إليه ، كما إذا ورد «لا تصلّ في شعر الحيوان المحرّم أكله» فإنّه منصرف عن الإنسان وإن كان بمعناه اللغوي يشمله أيضا.
المسألة الثانية : لا إشكال في اعتبار الدخول في الغير في مورد الشكّ في أصل وجود الشيء ، الّذي نعبّر عنه بقاعدة التجاوز ، وذلك ـ مضافا إلى اعتباره في صحيحتي زرارة وإسماعيل بن جابر (١) صريحا ـ من جهة أنّ عناوين «التجاوز» و «المضيّ» و «الخروج عن الشيء» ـ التي اعتبرت في الروايات وعلّق الحكم عليها ـ لا تتحقّق إلّا بذلك ، فإنّ المراد من المضيّ ـ كما عرفت ـ هو المضيّ عن محلّ المشكوك فيه لا نفسه ، ومن المعلوم أنّه مع عدم الدخول
__________________
(١) تقدّم تخريجهما في ص ٢٤١ ، الهامش (٢ و ٣).