توقّف صدق عنواني «المضي» و «التجاوز» عليه.
نعم ، ربّما يتوهّم دلالة رواية زرارة على ذلك من جهة قوله عليهالسلام : «فإذا قمت من الوضوء وفرغت عنه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمّى الله ممّا أوجب الله عليك وضوءه لا شيء عليك» (١) حيث اعتبر ـ مضافا إلى الفراغ الملازم للدخول في مطلق الغير ـ الدخول في «الغير» الخاصّ المترتّب كالصلاة وغيرها ممّا يكون الوضوء شرطا له صحّة أو كمالا.
ولكن يرد عليه أوّلا : أنّ الرواية واردة في مورد الوضوء ، والتعدّي عنه يحتاج إلى القطع بعدم الخصوصيّة ، وأنّى لنا بإثبات ذلك؟
وثانيا : أنّه لا دلالة للرواية على ذلك حتى في موردها ، إذ صدرها يدلّ مفهوما على عدم اعتبار أزيد من الفراغ ، فلو لم نقل بأنّ الذيل سيق لأجل بيان محقّق الفراغ لا اعتبار أمر آخر ، فلا أقلّ من المعارضة بين الصدر والذيل ، فتسقط عن الحجّيّة ، فتأمّل.
وثالثا : أنّها معارضة بقوله عليهالسلام فيمن شكّ في الوضوء بعد ما فرغ : «هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ» (٢) وقوله عليهالسلام في رواية محمد بن مسلم فيمن شكّ بين الثلاث والأربع بعد ما صلّى وكان متيقّنا حينما سلّم بأنّه قد أتمّ : «لم يعد الصلاة وكان حين انصرف أقرب إلى الحقّ منه بعد ذلك» (٣) حيث إنّه يستفاد منهما أنّ الملاك في عدم الاعتناء بالشكّ هو كون الآتي بالعمل حين
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٣ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٠ ـ ٢٦١ ، الوسائل ١ : ٤٦٩ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ١.
(٢) التهذيب ١ : ١٠١ ـ ٢٦٥ ، الوسائل ١ : ٤٧١ ، الباب ٤٢ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.
(٣) الفقيه ١ : ٢٣١ ـ ١٠٢٧ ، الوسائل ٨ : ٢٤٦ ، الباب ٢٧ من أبواب الخلل ، الحديث ٣.