الاشتغال به أذكر ، وأقرب إلى الحقّ منه بعد ذلك ، ومنه استكشفنا أماريّة القاعدة ، فمقتضى هاتين الروايتين هو عدم الاعتناء بالشكّ بعد الفراغ بمجرّد احتمال الأذكريّة والأقربيّة إلى الحقّ.
وبالجملة ، لا دليل على اعتبار الدخول في الغير المترتّب إلّا من حيث صدق عنواني «المضي» و «التجاوز» في مورد قاعدة التجاوز.
ومن ذلك ظهر أنّ ما أفتى به بعض من عدم الاعتناء بالشكّ في صحّة التكبيرة قبل الدخول في القراءة هو الصحيح.
ورابعا : أنّ الرواية معرض عنها ، حيث تدلّ على أنّ الشاكّ في صحّة الوضوء بعد مضيّ ساعة أو ساعتين ـ مثلا ـ عن وقت وضوئه وقبل الدخول في الصلاة يعتني بشكّه ، ولا يجري في حقّه قاعدة الفراغ ، وهو غير معروف من مذهب الأصحاب.
المسألة الثالثة : أنّ المراد من «الغير» ـ الّذي اعتبرنا الدخول فيه لصدق عنوان «المضي» وشبهه ـ ما هو أعمّ من الأجزاء المستقلّة بالعنوان ، كالتكبير والقراءة والركوع والسجود ، وما لا يستقلّ بعنوان مخصوص ، كأجزاء الأجزاء ، فلو شكّ في قراءة الآية الأولى من فاتحة الكتاب بعد ما شرع في الآية الثانية ، لا يعتني بشكّه. وهذا على ما اخترناه من اتّحاد القاعدتين واضح ، لأنّ الملاك في عدم الاعتناء هو تعلّق الشكّ بما قد مضى ، وهو متحقّق في المقام.
وأمّا على ما اختاره شيخنا الأستاذ قدسسره من أنّ المجعول الأوّلي هو قاعدة الفراغ ، ومورد الشكّ في أصل الوجود المعبّر عنه بقاعدة التجاوز ملحق بموردها بالحكومة والتنزيل المولويّ (١) ، فربما يقال بكون المراد بالغير في
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٦٦.