الجهة الثالثة : أنّ المراد من الصحّة هو الصحّة الواقعيّة لا الصحّة عند الفاعل ، كما نسبه الشيخ قدسسره إلى بعض المعاصرين (١) ـ وكتب بعض المحشّين أنّ المراد منه هو صاحب القوانين ـ فإنّ هذا الاحتمال ساقط من أصله ، ضرورة أنّ الصحيح عند الفاعل من حيث التكليف خارج عن محلّ الكلام ، ومن حيث الوضع لا تترتّب عليه فائدة أصلا.
الجهة الرابعة : في مقدار سعة دائرة موضوع أصالة الصحّة وضيقها ، وأنّها في أيّ مورد تجري وفي أيّ مورد لا تجري ، فنقول : إنّ الشكّ في صحّة فعل الغير يتصوّر على صور :
الأولى : ما إذا علم الشاكّ بجهل الفاعل بوجوه صحّة الفعل وفساده ، سواء كان في الشبهة الحكميّة ـ كما إذا علم أنّه لا يعلم اعتبار العربيّة في الصيغة وعدمه ـ أو في الشبهة الموضوعيّة ، كما إذا علم بأنّ ما اشتراه طرف للعلم الإجمالي بأن كان هو أو لحم آخر ميتة ، وسواء كان الجهل عذرا له أو لم يكن ، كما إذا علم الشاكّ بأنّ المشتري أيضا يعلم بأنّه طرف للعلم الإجمالي.
الثانية : ما إذا لم يعلم الشاكّ بحال الفاعل من حيث جهله بوجوه الصحّة وعدمه.
الثالثة : ما إذا علم بأنّه عالم بوجوه الصحّة والفساد. وهذه الصورة تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأوّل : ما إذا علم باتّفاق النظرين تقليدا أو اجتهادا ، كما إذا علم بأنّه يرى اعتبار العربيّة أو الماضويّة في الصيغة وهو أيضا يعتبرها ، فاحتمال فساد فعله ناش من سهو أو خطأ أو عدم المبالاة.
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤١٦.