من جريان السيرة ، والتعليل المذكور أيضا جار فيه ، لفرض علم الفاعل بوجوه الصحّة والفساد.
وهكذا تجري في القسم الثاني من هذه الصورة ، وهو مورد الجهل باتّفاق النظرين واختلافهما مع أنّ التعليل المذكور أيضا جار فيه.
وأمّا القسم الثالث من هذه الصورة ـ وهو مورد اختلاف النظرين ـ فالظاهر عدم الجريان ، لعدم العلم بجريان السيرة بل ينبغي القطع بعدم جريانها في الشقّ الثاني منه ، وهو أن يكون اختلاف النّظر بنحو التباين ، فإنّ حمل فعله على الصحيح الواقعي مقتضاه الحكم بإقدامه على الفاسد عنده ، وهو ـ مع القطع بأنّه خلاف السيرة المستمرّة ـ ينافي ظهور حال المسلم في الإقدام على الصحيح ، المذكور في كلام جماعة من الفقهاء ، وعلى ذلك فلا يمكن الاقتداء بمن يختلف نظره مع المؤتمّ الاختلاف التبايني بل الاختلاف التداخلي إذا احتمل اقتصاره على أقلّ الواجب إلّا إذا ثبت أنّ موضوع جواز الاقتداء هو الصحّة عند الإمام لا الصحّة الواقعيّة ، وأنّى لنا بإثبات ذلك؟
الجهة الخامسة : في أنّ موضوع أصالة الصحّة في باب العقود والإيقاعات أيّ شيء هو؟ الاحتمالات ثلاثة :
الأوّل ـ وهو الّذي يظهر من كلام الشيخ قدسسره ـ : أن يكون مجرّد الالتزام العرفي ، فإذا صدر التزام عقدي أو إيقاعي من شخص ، يحكم بصحّته سواء كان الشكّ فيما هو ركن له عند العقلاء أو عند الشرع أو كان الشكّ في غير الأركان. وبعبارة أخرى : يكفي في جريان أصالة الصحّة إحراز مجرّد الالتزام العرفي ولو لم تحرز قابليّة العوضين لأن يتملّكا ، وأهليّة المتعاملين للتمليك والتملّك عند العقلاء أو عند الشرع ، فتجري أصالة الصحّة في مورد الشكّ في جنون المتعاملين أو بلوغهما ، وهكذا في مورد الشكّ في ماليّة العوضين أو