ـ سواء كانت الإجارة صحيحة أو باطلة ـ ملزم بردّ مقدار أجرة المثل ، غاية الأمر أنّه على تقدير الصحّة يكون هو المسمّى ، وعلى تقدير البطلان يكون أجرة المثل (١).
وما أفاده تامّ لو كان النزاع بعد استيفاء المنفعة ، أمّا قبله ففائدة النزاع أنّ المالك يدّعي بطلان الإجارة ، فلو لم يقم المستأجر بيّنة على الصحّة ، يحلف المالك ، ويأخذ العين من يد المستأجر ، ويؤجرها شخصا آخر بأزيد ممّا يدّعيه المستأجر.
الجهة الثامنة : لا إشكال في تقدّم أصالة الصحّة على الاستصحاب الحكمي الجاري في موردها ، سواء قلنا بكونها أمارة أو أصلا محرزا أو أصلا تعبّديّا محضا ، وذلك لما مرّ في قاعدة الفراغ من أنّ تقدّم الاستصحابات الجارية في مواردها يوجب اختصاصها بفرد نادر ، فلا يبقى مورد لها إلّا نادرا ، وهو صورة تبادل الحالتين والجهل بالمتأخّرة منهما ، فلا مناص عن تقدّمها على الاستصحاب الحكمي ، غاية الأمر أنّه لو كانت أمارة ، فمن باب الحكومة ، ولو كانت أصلا ، فمن باب التخصيص.
وأمّا تقدّمها على الاستصحابات الموضوعيّة الجارية في مواردها ، وعدمه فقد أطال الشيخ وشيخنا الأستاذ (٢) قدسسرهما الكلام فيه إطالة بلا طائل ، وفصّلا تفصيلا ـ بين ما كانت أصالة الصحّة أمارة فتقدّم ، وأصلا محرزا فيتعارضان ، ويرجع إلى الأصل الحكمي ، وأصلا غير محرز فيقدّم الاستصحاب ـ لا يرجع إلى محصّل ، فإنّ كلّ ذلك ـ بعد ما كان مدركها هو السيرة ـ شعر بلا ضرورة ، فاللازم ملاحظة أنّ أيّ مورد تجري فيه السيرة ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٤٨٨ ـ ٤٨٩.
(٢) انظر : فرائد الأصول : ٤٢١ وما بعدها ، وأجود التقريرات ٢ : ٤٨٩ ـ ٤٩٣.