اقتضاء اليقين للجري في نفسه ، وإلّا فإن كان اليقين غير مقتض لذلك من أوّل الأمر ، بل يزول بنفسه في عمود الزمان ، فلا يقين حتى لا يدخل أو لا يدفع بالشكّ ـ غير شاملة لمورد الشكّ في المقتضي ، لا أنّها تكون مانعة عن جريان الاستصحاب ، فتبقى الروايات التي ليس فيها لفظ «النقض» ـ مثل قوله عليهالسلام في رواية محمد بن مسلم : «من كان على يقين فشكّ فليمض على يقينه» (١) إلى آخره ، وغير ذلك ممّا أمر بالمضيّ على طبق اليقين السابق ـ على عمومها من شمولها للشكّ في المقتضي أيضا.
وأجاب عن ذلك : بأنّ التعدّي عن موارد هذه الروايات من الشكّ في الطهارة وغير ذلك إنّما يقتصر عليه بمقدار نقطع بعدم الخصوصيّة له ، وأمّا الشكّ في المقتضي فنحتمل ـ احتمالا قويّا ـ أن تكون له خصوصيّة لا يجري معها فيه الاستصحاب ، ولا نقطع بعدم الفرق بينه وبين الشكّ في الرافع ، فلا يمكن التمسّك بها على ذلك (٢). هذا ملخّص مرام الشيخ وشيخنا الأستاذ قدسسرهما ، وما يمكن أن يقال في توجيه ما أفاداه في المقام.
لكنّ التحقيق عدم اختصاص الحجّيّة بموارد الشكّ في الرافع وموارد الشكّ في الغاية فيما كانت الشبهة فيه مصداقيّة ، بل مقتضى القاعدة هو التعميم ، وذلك لأنّ لازم هذا التقريب أن لا يجري الاستصحاب في موارد الشكّ في الغاية في الشبهة المصداقيّة أيضا ، فإنّ اليقين بوجوب صلاة الصبح من الأوّل لم يكن مقتضيا للجري العملي بالنسبة إلى زمان الشكّ سيّما إذا كان الشكّ بين الأقلّ والأكثر ، مثلا : لو شككنا أنّ ما بين الطلوعين في هذا الفصل
__________________
(١) الخصال : ٦١٩ ، الوسائل ١ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ٦.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٣٧٨ ـ ٣٨١.