فلا تعارض بين «أكرم العلماء» و «لا تكرم زيدا الجاهل» لعدم التنافي وخروج زيد عن تحت دليل العامّ بالتخصّص يعني وجدانا من غير مئونة تعبّد.
ولا تعارض أيضا بين أدلّة الأمارات والأصول العقليّة من البراءة والاشتغال والتخيير ، لورودها عليها ، بمعنى ارتفاع موضوع الأصول العقليّة وجدانا ـ وهو عدم البيان وعدم الأمن من العقاب وعدم المرجّح ـ بمجرّد تعبّد الشارع ، فإنّ نفس تعبّد الشارع بخمريّة ما شكّ في خمريّته بقيام البيّنة على خمريّته مثلا بيان من الشارع ، فبالوجدان لا موضوع لقاعدة قبح العقاب بلا بيان. وفي بعض الكلمات يطلق على هذا الحكومة ، ويطلق على بعض موارد الحكومة الورود ، ولا مشاحّة في الاصطلاح.
كما لا تعارض أيضا بين دليل حرمة الرّبا و «لا ربا بين الوالد والولد» وما يشبهه ، فإنّ الثاني حاكم على الأوّل ، بمعنى أنّه رافع لموضوعه.
وللحكومة أقسام كلّها خارج عن باب التعارض :
الأوّل : ما يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي شارحا للمراد من الآخر بلفظ «عنيت» و «أردت» وشبههما ، كما في رواية «الفقيه لا يعيد صلاته» المفسّرة بأنّه «إنّما عنيت بذلك ، الشكّ بين الثلاث والأربع» (١).
الثاني : أن يكون دليل الحاكم ناظرا إلى دليل المحكوم ، ومتصرّفا فيه إمّا في عقد وضعه أو في عقد حمله بحيث لو لم يكن دليل المحكوم واردا ولو بعد ورود دليل الحاكم ، لصار دليل الحاكم لغوا.
وما يكون ناظرا إلى عقد الوضع ورافعا لموضوع دليل المحكوم كثير في الفقه ، كما في «لا شكّ لكثير الشكّ» الرافع لموضوع أدلّة الشكوك.
__________________
(١) تقدّمت الرواية والإشارة إلى مصادرها والتعليق عليها في ج ٣ ص ٥٥٦ والهامش (١).