وهكذا لا تعارض بين الخاصّ والعامّ ، بل بين كلّ دليلين يكون أحدهما أظهر من الآخر ، فإنّ الأظهر يكون قرينة عرفيّة على المراد من الآخر ، بل يكون الخاصّ حاكما من جهة ، كما أنّ دليل الحاكم يكون مخصّصا من جهة ، لكن فرق بين التخصيصين وبين الحكومتين.
توضيح ذلك : أنّ حجّيّة خبر الواحد بمعنى جواز العمل به متوقّفة على إحراز أمور ثلاثة : الصدور من المعصوم عليهالسلام ، وإرادة الظهور ، وجهة الصدور من كونه غير صادر تقيّة أو سخريّة أو غير ذلك ، بل صدر لبيان الحكم الواقعي ، والمتكفّل لإثبات الأمر الأوّل هو أدلّة حجّيّة خبر الواحد ، والمتكفّل لإثبات الأمرين الآخرين بناء العقلاء على حمل كلام كلّ متكلّم عاقل على كونه مستعملا فيما هو ظاهر فيه ، وعلى أنّ مراده الجدّي مطابق لمراده الاستعمالي ، ومن المعلوم أنّ هذه السيرة جارية فيما إذا لم تقم قرينة على المراد متّصلة أو منفصلة ، ومع قيام القرينة على خلاف الظاهر لا يعملون بأصالة الظهور ، لعدم الشكّ في المراد حينئذ ، فبقيام القرينة يرتفع موضوع الأصل العقلائي ، وهو أصالة الظهور في ذي القرينة ، ومن المعلوم أنّ الخاصّ قرينة عرفيّة على ما يراد من العامّ ، فإن كان متّصلا بالكلام ، لا ينعقد للكلام ظهور إلّا في الخاصّ ، وإن كان منفصلا ، فالظهور وإن كان ينعقد له إلّا أنّ الخاصّ قرينة على عدم إرادته ، وبه يرتفع الشكّ في إرادة العموم ، الّذي هو موضوع أصالة العموم ، فيصحّ أن يقال : إنّ الخاصّ حاكم ، لكونه موجب لارتفاع موضوع أصالة العموم ، كما يصحّ أن يقال : إنّ دليل الحاكم مخصّص ، لتخصيصه الحكم في دليل المحكوم ببعض أفراد موضوعه بلسان نفي الحكم أو نفي الموضوع.
والفرق بين الحكومتين : أنّ دليل الخاصّ حاكم على دليل حجّيّة ظهور العامّ ، وهو أصالة العموم عند الشكّ في العموم ، ورافع لموضوعه ، لا على