نفس دليل العامّ ، ودليل الحاكم رافع لموضوع نفس دليل المحكوم.
والفرق بين التخصيصين : أنّ دليل الحاكم في تخصيصه رافع لموضوع دليل المحكوم أو ناظر إلى عقد حمله ، بخلاف دليل الخاصّ ، فإنّه لا يكون رافعا لموضوع العامّ ولا ناظرا إلى محموله.
والحاصل : أنّه لا إشكال في خروج هذه الموارد ـ أي موارد التخصيص ـ عن باب التعارض ، لعدم التنافي بين الدليلين عرفا ، لحكومة دليل الخاصّ على ما يستكشف منه عموم العامّ ، وهو أصالة الظهور ، بل وروده عليه في بعض الموارد ، وهو ما إذا كان الخاصّ قطعيّا من بعض الجهات الثلاث سندا ودلالة وجهة ، إذ يرتفع الشكّ في العموم حينئذ وجدانا.
وهذا بلا فرق بين ما فسّرنا التعارض بما فسّره به الشيخ قدسسره من أنّه هو التنافي بين مدلولي الدليلين (١) ، أو فسّرناه بما فسّر به صاحب الكفاية قدسسره من أنّه هو التنافي بينهما في مقام الدلالة والإثبات (٢) ، إذ لا دلالة للعامّ على العموم بعد قيام الخاصّ ، ضرورة أنّ الدلالة من جهة أصالة الظهور ، وقد عرفت أنّ موضوعها يرتفع بورود الخاصّ ، فلا وجه لما اختاره صاحب الحدائق ، ومال إليه صاحب الكفاية على ما أذكره من السابق من ملاحظة المرجّحات بين العامّ والخاصّ ، بل الصحيح هو خروج كلّ دليلين يكون أحدهما نصّا أو أظهر من الآخر عن باب التعارض ، لما عرفت من كونه قرينة عرفيّة على المراد من الآخر ، ومعه يرتفع التنافي والتعارض.
وهكذا لا تعارض بين المتزاحمين.
توضيح ذلك : أنّ التزاحم إمّا أن يكون في مرحلة الملاك بأن يكون لفعل
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٣١.
(٢) كفاية الأصول : ٤٩٦.