نعم ، حيث لا يتميّز معلوم الكذب عن غيره المشمول لدليل الحجّيّة فلا أثر له إلّا نفي الثالث (١).
ثانيهما لشيخنا الأستاذ قدسسره من أنّ ما يدلّ على الوجوب يدلّ بالالتزام على نفي الأحكام الأخر ، وهكذا ما يدلّ على الحرمة ، وتعارضهما ليس إلّا في مدلوليهما المطابقيّين ، وأمّا نفي الإباحة والكراهة والاستحباب فيدلّ عليه كلّ منهما بالالتزام ، ولا تعارض بينهما فيه ، فلا وجه لتساقطهما عن الحجّيّة إلّا بمقدار المعارضة (٢).
وليعلم أنّ محلّ الخلاف ما إذا لم يعلم وجدانا بصدق أحدهما ومطابقته للواقع ، وإلّا فلا إشكال ولا خلاف في نفي الثالث.
والجواب عن الأوّل : ما أفاده الشيخ قدسسره في بحث الاشتغال من أنّ شمول دليل الأصل النافي للتكليف في أطراف العلم الإجمالي بالتكليف بتمامها لا يمكن ، لاستلزامه المخالفة القطعيّة ، وشموله لبعض منها معيّنا دون بعض ترجيح بلا مرجّح ، إذ لا قصور في مشموليّة كلّ منها في نفسه لدليل الأصل ، ولا ترجيح بينها من هذه الجهة ، وأحد الأطراف لا بعينه ليس أمرا مغايرا لها حتى يشمله الدليل (٣). وهذا الكلام جار في المقام أيضا ، فإنّ كلّا من البيّنتين المتعارضتين ـ مثلا ـ في نفسه قابل لأن يشمله الدليل بلا تفاوت بينهما من هذه الجهة ، والتعبّد بطريقيّة كلتيهما غير معقول ، وإحداهما معيّنة دون الأخرى ترجيح بلا مرجّح ، وإحداهما لا بعينها ليست فردا ثالثا من البيّنة يشمله دليل الحجّيّة بل إنّما هي عنوان ينتزع منهما.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٩٩.
(٢) فوائد الأصول ٤ : ٧٥٥.
(٣) فرائد الأصول : ٢٤٩.