إصابة البول للثوب ، فإذا سقطت حجّيّتها من جهة التعارض في المدلول المطابقي ، تسقط فيما كان تبعا له بالضرورة.
فتلخّص ممّا ذكرنا أنّه لا يمكن نفي الثالث لا بأحد المتعارضين ولا بكليهما بالقياس إلى مدلوليهما الالتزاميّين. أمّا بأحدهما لا بعينه : فلعدم كونه أمرا ثالثا مشمولا لدليل الحجّيّة. وأمّا المدلول الالتزامي فهو وإن كان نفي الإباحة ـ مثلا ـ عند تعارض دليل الوجوب والحرمة إلّا أنّه ليس مطلق عدم الإباحة بل خصوص عدم الإباحة ، الملازم للوجوب في أحد الدليلين ، وعدم الإباحة ، الملازم للحرمة ، وسقوط دليل الوجوب والحرمة عن الحجّيّة في الوجوب والحرمة ملازم لسقوطهما عن الحجّيّة في نفي الإباحة ، الملازم لكلّ منهما. وأمّا حصّة أخرى من عدم الإباحة فلم تكن مدلولة لهما حتى تنفي بهما.
هذا كلّه على مبنى الطريقيّة ، وأمّا على السببيّة : فذهب الشيخ قدسسره مطلقا وصاحب الكفاية وشيخنا الأستاذ قدسسرهما في الجملة إلى دخول الدليلين المتعارضين في باب التزاحم (١).
والحقّ هو التفصيل.
توضيحه : أنّ السببيّة تارة يراد منها السببيّة العدليّة التي التزم بعضهم بها فرارا عن شبهة «ابن قبة» ـ من كون التعبّد بالأمارة موجبا لتفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة في مورد عدم الإصابة ـ وهي الالتزام بكون قيام الأمارة موجبا لحدوث مصلحة في سلوكها بمقدار يتدارك به ما فات بسبب العمل بالأمارة لا أزيد منه ، فيختلف بحسب اختلاف الموارد شدّة وضعفا وسعة وضيقا ، فإن فاتت بسبب العمل بها مصلحة فضيلة الوقت فقط بأن انكشف
__________________
(١) فرائد الأصول : ٤٣٩ ، كفاية الأصول : ٤٩٩ ـ ٥٠٠ ، أجود التقريرات ١ : ٢٧١ ، فوائد الأصول ٤ : ٧٥٨.