الرابع : أن يكون أحدهما أهمّ من الآخر ، كما إذا كان أحد الغريقين نبيّا أو وصيّا والآخر مؤمنا ، فإنّ العقل مستقلّ حينئذ بصرف القدرة في الأهمّ ، ويكون أمر المهمّ ساقطا على القول بعدم إمكان الترتّب ، أو إطلاقه ساقطا ، فيكون مشروطا بعدم الاشتغال بالأهمّ على القول بمعقوليّة الترتّب.
الخامس : أن يكون أحدهما سابقا زمانا ، كما إذا دار الأمر بين إفطار أوّل الشهر وآخره ، فيجب الصوم في الأوّل والإفطار في آخره ، لأنّه أوّل الشهر لا يكون عاجزا عن الصوم ، ولا يحكم العقل بحفظ القدرة للتكليف المتأخّر في مثل المقام ، فيبقى إطلاق الدليل على حاله ، فأيّ عذر له في مخالفة التكليف الفعلي مع قدرته على امتثاله؟ ومجرّد كونه معجّزا عن امتثال تكليف آخر في المستقبل لا يسوّغ عصيان هذا التكليف.
نعم ، لو كان التكليف الآتي أهمّ منه ، وجب حفظ القدرة له بعصيان السابق في الزمان ، كما إذا أكره إمّا على قتل خادم المولى فعلا أو نفس المولى بعد ساعة ، فالعقل مستقلّ بلزوم قتل الخادم فعلا لحفظ نفس المولى ، ومن هذا القبيل التوسّط في الأرض المغصوبة لإنقاذ الغريق ، فإنّه سابق في الزمان على الإنقاذ ومع ذلك لا يحرم بل يجب ، حفظا للقدرة على الإنقاذ.
وليعلم أنّ الكلام فيما إذا كان كلا التكليفين فعليّا ، كمثال الصوم بناء على القول بوجوب صوم الشهر بأجمعه عند دخول الشهر بنحو الواجب التعليقي ، لا ما إذا كان الوجوب المتأخّر مشروطا ، فإنّه خارج عن باب التزاحم ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ جماعة ـ منهم : شيخنا الأستاذ (١) قدسسره ـ ألحقوا عدم القدرة على
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٧٨ و ٢٨١ ـ ٢٨٣.