فلا يجري (١).
فنقول : إنّ الشبهة في هذه الموارد تارة موضوعيّة وأخرى حكميّة.
أمّا الموضوعيّة : فعبارة الشيخ قدسسره فيها مشوّشة ، وقد استظهر من كلامه أنّه يجري الاستصحاب ـ بناء على اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ ـ فيما إذا كان المستصحب هو إضرار السمّ ـ مثلا ـ الّذي حكم العقل بقبح شربه ، فيجري الاستصحاب ، لأنّه يحصل منه الظنّ بالضرر ، فيترتّب عليه حكم العقل بقبح الشرب ، ولا يجري بناء على اعتباره من باب التعبّد (٢).
وفيه : أنّ الاستصحاب على تقدير إفادته للظنّ لا يفيد إلّا الظنّ النوعيّ ، وموضوع الحكم بالقبح هو الظنّ الشخصي بالضرر لا غير.
هذا ، مضافا إلى أنّ موضوع حكم العقل بالقبح هو خوف الضرر ، المجتمع مع احتماله أيضا ، لا خصوص الظنّ بالضرر.
والتحقيق : أنّ الاستصحاب في الشبهة الموضوعيّة جار بلا إشكال ، فإنّ موضوع حكم العقل ـ بعد ما أحرز له بالوجدان أو بالتعبّد الاستصحابي ـ يترتّب عليه حكمه لا محالة ، مثلا : لو فرضنا أنّ العقل استقلّ بأنّ من كان مستقيما في دينه وعادلا ، يحسن إكرامه ، فإذا كان زيد ـ مثلا ـ عادلا مستقيما في دينه في زمان ثمّ شككنا في بقائه على استقامته وعدالته ، فلا مانع من استصحاب عدالته ، وبعد حكم الشارع بعدالته يحكم العقل بحسن إكرامه.
وأمّا الشبهة الحكميّة : فوجه عدم جريان الاستصحاب فيها أنّ المناط في الجريان وعدمه في جميع الموارد هو صدق نقض اليقين بالشكّ عرفا ، لا من باب أنّ العرف نبيّ مشرّع ، بل من جهة أنّه المقصود بالخطابات الإلهية
__________________
(١) فرائد الأصول : ٣٢٥.
(٢) فرائد الأصول : ٣٧٨ ـ ٣٧٩.