ذلك ، ضرورة أنّ غير الحجّة لا يعارض الحجّة ، وحينئذ ربّما تنقلب النسبة إلى عموم من وجه كما في المثال ، فإنّ العالم غير النحوي ربّما يكون صرفيّا وربّما لا يكون ، كما أنّ العالم الصرفي ربّما يكون نحويّا أيضا وربّما لا يكون.
قلت : تقدّم زمان الصدور لا يوجب ذلك بعد ما كان كلّ من المتقدّم والمتأخّر كاشفا عن ثبوت الحكم من حين صدور العامّ ، فزمان الكاشف وإن كان مختلفا إلّا أنّ زمان المنكشف واحد ، وهذا كما إذا وصل كتاب من المولى إلى عبده أمره فيه ببيع جميع كتبه ، ثمّ وصل كتاب آخر أمره بوقف ما كان جلده أحمر من كتبه ، وكتاب آخر وصل إليه بعد ذلك الكتاب نهاه فيه عن بيع كتب الفقه ، وفرض أنّ النسبة بين النوعين من الكتاب عموم من وجه ، فإنّه لا يشكّ في أنّ المولى لم يرد من العامّ جدّاً بيع جميع الكتب حتى كتب الفقه وما كان أحمر الجلد بل أراد غير هذين النوعين.
نعم ، لو كان التخصيص بمقدار يقبح انتهاؤه إليه ، يقع التعارض ، ويأتي الكلام السابق في القسم الأوّل حرفا بحرف.
وأمّا القسم الثالث : فهو كما إذا ورد أن «لا ضمان في العارية» وورد أيضا «في عارية الذهب والفضّة ضمان» وورد أيضا «في عارية الدينار والدرهم ضمان» والحكم في هذا القسم أيضا كسابقيه هو تخصيص العامّ بكلّ من الخاصّين : الخاصّ الأعمّ ، والخاصّ الأخصّ بعين البيان السابق ، ولا وجه لتقديم الخاصّ الأخصّ وتخصيص العامّ به أوّلا ، لخروجه عنه على كلّ تقدير ، ثمّ ملاحظة النسبة بين العامّ والخاصّ الأعمّ حتى تنقلب النسبة أحيانا كما في المثال ، لما عرفت من أنّ كلّا منهما كاشف عن عدم مطابقة ظهور العامّ في المراد الجدّي بالإضافة إليه ولا تنافي بينهما.
نعم ، لو كان المخصّص الأخصّ متّصلا بالعامّ ، تصير النسبة بينه وبين