وقد خدش في كتابه ومؤلّفه. وذكر الشيخ قدسسره أنّه خدش فيه من ليس دأبه الخدشة في الروايات (١). والظاهر أنّه أراد به صاحب الحدائق (٢).
وأمّا أخبار التوقّف في مطلق الشبهة فلا ربط لها بالمقام.
ومنها : ما دلّ على الترجيح بمزايا مخصوصة ، وهي روايات اقتصر في بعضها على مرجّح واحد ، وفي بعضها على اثنين ، وفي بعضها على أكثر. وعمدتها وأجمعها هي المقبولة (٣) والمرفوعة (٤) ، وهما مختلفتان في ترتيب بعض المرجّحات ، ففي المقبولة قدّم الترجيح بصفات الراوي على الترجيح بالشهرة ، وبالعكس في مرفوعة زرارة.
وكيف كان فلا ريب في دلالة تلك الأخبار على التخيير في الخبرين المتعارضين في الجملة ، وإنّما الكلام في ثبوت التخيير مطلقا ومن أوّل الأمر ـ ولو وجدت المرجّحات المنصوصة ـ أو ثبوته بعد فقد المرجّحات.
ذهب صاحب الكفاية إلى الأوّل ، وحمل روايات الترجيح مع وجود المرجّحات على الاستحباب ، بل جعل بعض المرجّحات ـ كمخالفة العامّة وموافقة الكتاب ـ ممّا تمتاز به الحجّة عن غير الحجّة بدعوى أنّ ما خالف الكتاب ـ بمقتضى الروايات الآمرة بطرحه وضربه على الجدار ، وما دلّ على أنّه زخرف وباطل ـ ليس بحجّة ولو لم يكن له معارض ، فإنّ هذه الروايات آبية عن التخصيص ، وأنّ أصالة عدم الصدور تقيّة في الخبر الموافق للعامّة ـ مع الوثوق
__________________
ـ صفات القاضي ، الحديث ٢.
(١) فرائد الأصول : ٦٥ ـ ٦٦.
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ٩٩.
(٣) الكافي ١ : ٦٧ ـ ٦٨ ـ ١٠ ، الفقيه ٣ : ٥ ـ ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٠١ ـ ٨٤٥ ، الوسائل ٢٧ : ٣٠١ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.
(٤) تقدّمت الإشارة إلى مصدرها في الهامش (٣) من ص ٣٤٤.