والمراد من المخالفة في تلك غير المراد منها في هذه ، فلا ينبغي خلط إحداهما بالأخرى.
هذا ، مضافا إلى أنّه مخالف لصريح المقبولة أيضا ، حيث صرّح فيها بتقديم المجمع عليه والمشهور على غيرهما ، وبعد التساوي من هذه الجهة رجّح المخالف للعامّة والموافق للكتاب على غيرهما ، فلو كان ذلك ـ أي عدم كون الخبر مخالفا للكتاب ـ من شرائط حجّيّة الخبر في نفسه لكان المخالف ساقطا من الأوّل.
وبالجملة ، المقبولة دليل قطعيّ على أنّ المراد بمخالفة الكتاب ليس هو المخالفة التباينيّة ، بل المخالفة بنحو العموم المطلق وشبهه ممّا نعلم بصدوره من الأئمة عليهمالسلام قطعا ، وحينئذ كما نحتمل كون الصادر من الخبرين ما يوافق الكتاب ويخالف العامّة دون الآخر ، كذلك نحتمل صدور المخالف له والموافق لهم.
وأمّا وروده لبيان الحكم الواقعي دون الآخر ـ بأن لم يصدر أصلا أو أريد خلاف ظاهره على تقدير صدوره ـ فليس لنا قطع ولا اطمئنان بعدم صدور المخالف للكتاب والموافق للعامّة. هذا أحد الوجوه التي ذكرها قدسسره لإبطال الترجيح.
ومن الوجوه التي أفادها : أنّ حمل إطلاقات التخيير على مورد فقد المرجّحات ، وتقييدها بما إذا لم يكن مرجّح في البين لا يمكن ، لكونها في مقام الجواب عمّن سأل عن حكم المتعارضين ويكون موردا لحاجته (١).
ونضيف نحن إلى ما أفاده أنّ تقييد إطلاقات التخيير بما إذا فقدت
__________________
(١) كفاية الأصول : ٥٠٤ ـ ٥٠٦.