يحتمل صدقهما وكذبهما.
نعم ، بعضها لا يأبى عن ذلك ، كرواية معلّى بن خنيس : إذا جاء حديث عن أوّلكم وحديث عن آخركم بأيّهما نأخذ؟ (١) إلى آخره ، إلّا أنّها غير معمول بها ، ومخالفة لجميع الروايات الواردة في المقام من المقبولة وغيرها ، فهي ساقطة عن الحجّيّة.
الجهة الخامسة : هل التخيير في المقام تخيير في المسألة الأصوليّة أو الفرعية؟ بعض الأخبار لا يأبى عن الثاني ، كما عبّر بلفظ «بأيّة عملت» (٢) لكن ظاهر غيره التخيير في المسألة الأصوليّة ، حيث عبّر بلفظ «بأيّهما أخذت» (٣) ونحوه ، وظاهره أنّه مخيّر في أخذ أيّهما حجّة واختيار أحدهما دليلا له ، وأخبار الترجيح أيضا شاهدة على ذلك ، حيث لا إشكال في أنّها لترجيح أحدهما في مقام الحجّيّة وإسقاط الآخر ، وما يكون عند وجود المرجّح هو الوظيفة ـ وهو أخذ ذي المزيّة حجّة وإلغاء الآخر ـ يكون هو الوظيفة عند فقد المرجّح ، غاية الأمر أنّه يكون تخييرا.
والحاصل : أنّه بعد سقوط الخبرين عن الحجّيّة بالتعارض وخروجهما عن تحت أدلّة الحجّيّة بسقوطهما عن الطريقيّة والكاشفيّة الفعليّة تدلّ أخبار الترجيح على حجّيّة موافق الكتاب مثلا ، وكونه معيّنا طريقا وكاشفا ، وأخبار التخيير على أنّ ما يختاره المكلّف من المتساويين يكون هو طريقا وحجّة دون
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٧ ـ ٩ ، الوسائل ٢٧ : ١٠٩ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٨.
(٢) التهذيب ٣ : ٢٢٨ ـ ٥٨٣ ، الوسائل ٢٧ : ١٢٢ ـ ١٢٣ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٤.
(٣) الاحتجاج ٢ : ٢٦٤ ـ ٢٣٣ ، الوسائل ٢٧ : ١٢١ ـ ١٢٢ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.